المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف فوزي صالح
فضفضة .. مجرد فضفضة
أحلامنا وجدران الصمت
لا بأس بنا أن نغوص مع أحلامنا ونبحث هنا وهناك عن مفقود سنظل نبحث عنه مابقيت لنا حياة ، فالأحلام متنفس مشروع، ولم تقم الحقائق إلا على ماسبقها من أحلام، وأمنيات، أفضت إلى التفكر والتدبر والبحث، وصولا إلى الأمل المنشود، الذي ربما يتحقق، وربما يتأخر تحققه لخطأ في المعطيات، أو ربما لحكمة ما يرى الله تعالى فيها الرحمة، على الأقل في حينها.
ولكن أحيانا وبالرغم من مشروعية الحلم نضن على أنفسنا بممارسته، ربما استكثارا عليها تناول هذا الحق، أو الخشية من التصادم مع جدار الصمت، الذي نعمل على تشييده وتعليته وتعظيمه في دواخل ذواتنا .. هذه الذوات التي استمرأت القهر والجبر والقسر والظلم، حتى باتت ركيزة أساس من مفردات تعاطيها، مع الذات من ناحية، ومع الآخر المماثل، وربما المناقض أيضا، في بعض حالاتها، من الناحية الأخرى، وبتنا نجلد لذلك ذواتنا من أجله، بعد أن نكون قد قمنا بالفعل نفسه مسبقا مع الآخر الذي سولت له نفسه الإقدام على ذلك التعاطي، وكأنها حالة سكر بيِّن، ومن ثمَّ فهي كبيرة تستوجب الجلد وإقامة الحد.
ويبدو مع ماعودنا طبائعنا عليه في هذا الصدد، واستمرأنا عذاباته، في تلذذ سيكوباتي يحتاج في كثير من حالاته إلى معاودة طبيب، أن الحابل فينا اختلط بالنابل، وباتت أمورنا مشوشة، وأفكارنا عدوانية، ونتحسب لكل بادرة تصدر من الآخر للتصادم والخلاف ... ولكن أين ذلك الطبيب القادر على ترتيب الأبجدية بعد أن تكون حروفها قد تداخلت وهو لايجيد لغتها ؟! ومن ثم لابديل عن أن يكون الطبيب هو الذات الحالمة نفسها، لأنها الوحيدة القادرة على تشخيص ماقامت بارتكابه من إثم، وبذا ستكون الوحيدة القادرة على تحديد دواء ناجع لكل حالة من حالات تلبسها المتعمد أو غير المتعمد لارتكاب الحلم أكبر الكبائر.
في الحقيقة باتت همومنا أكبر من أن يحتويها حلم، وباتت أحلامنا ثكلى لاتقوى على التعبير من كثرة نحيبها، وضيق أهلها بها.
لم نعد بحاجة إلى حلم، ولم تعد أحلامنا في حاجة إلينا، فقد استفحلت بدواخلنا جدر الصمت وتوحشت، واستوحشنا دواخلنا، فلا نحن نبحث عنها، ولا هي بالقادرة على الظهور والإعلان عن نفسها .. ومن ثمَّ سنبقى وستبقى هكذا أحلامنا، فلا نحن بالجديرين بها، لتخلينا عنها، ولا هي أصبحت في حاجة إلينا، لأننا أضعف من أن نحتويها .. حتى أحلامنا لم نعد قادرين على حمايتها، أو حتى الاستمتاع بها، فكيف بنا والحال كذلك حين ننزل إلى أرض الواقع ؟؟!!.