أرَاكَ عَصِيَّ الدمع
قالتْ: (أرَاكَ عَصِيَّ الدمعِ) ذا شَجَنٍ
قَرَأتُ في ناظِرَيكَ الهمَّ والألَمَا
فقلتُ: ما جَفَّ دَمعِي مُنذُ أنْ سُفِكَتْ
دِمَاءُ شَعبي ، ولكِنِّي بَكَيتُ دَمَا
دُمُوعُ قلبيَ سَالتْ أنهُرَاً حَزَنَاً
لأنَّ زَندي على قلبي اعتَدَى ورَمَى
كأنَّ جَيشَ الحِمَى غَازٍ أَرَاقَ دَمِي
يُدَمِّرُ الشعبَ .. يحمي ظالِمَاً حَكَمَا
لو كانَ جَيشُ الغَبَا غَازٍ لَمَزَّقَهُ
شَعبي ، وأمطرتُهُ يومَ الوَغَى حِمَمَا
لكِنَّهُ بعضُ هذا الشعبِ وَا أسَفِي
عليهِ باغٍ ، وإنْ صَيَّرتُهُ عَدَمَا
(الشعبُ أعظمُ بطشاً يومَ صحوتِهِ)
فليحذروا ثورةَ البركانِ إنْ قَدِمَا
***
آهٍ على يَمَنِ الإيمانِ ما فعلتْ
بِهِ الطغاةُ .. ويا للجهلِ ما هَدَمَا !!
(ماذا أُحَدِّثُ عن صنعاءَ يا أبتي)
وليلُها الجاثمُ الممتدُّ ما انصَرَمَا ؟!
وحولَ كعبَتِها الأصنامُ مابرحَتْ
حُبلَى ، وعُشَّاقُها كلٌ فَدَى صَنَمَا
(أيدي سَبَا) فرَّقتها الريحُ يا وطني
شرقاً وغرباً ، وأعمَتْ أعيُنَ الحُكَمَا
كمْ بِتُّ أجمعُ أشلائي أُضَمِّدُها
والريحُ تنثُرُ ما لَملَمتُهُ قِيَمَا
***
يا مَنْ تساءَلتِ عَنْ حُزنِي وعَنْ أَلَمِي
وعنْ همُومي .. عَنِ الشعبِ الذي ظُلِمَا
أنا الفقيدُ .. رَمَاني إخوتي .. وأنا
يعقوبُ عصريَ في أحزانِهِ كُظِمَا
مأسَاةُ شَعبِيَ مأسَاتِي على كَتِفِي
وهَمُّهُ فوقَ ظهري كالجبالِ هُمَا
هَرِمتُ .. أرقبُ فجراً لاحَ فوقَ دَمِي
أغدو أسائلُ عنهُ السهلَ والأكَمَا
يا شمسُ أينَ غَدِي ؟.. يا نجمةً سطعتْ
فوقَ الهلالِ .. أجيبي؟ .. لَستُ متَّهِمَا
ويا سَنَابلَ قمحٍ هلْ لَكُنَّ فَمٌ
يروي لَنَا قِصَّةَ الفَجرِ الذي التُهِمَا ؟
***
ماذا أقولُ لِمَنْ ضَحَّى لأجلِ غَدِي ..
إذا أَضَعنَا طريقاً بالدِّمَا رُسِمَا ؟
ماذا أقولُ لـ(هاني) .. ضَمَّهُ (عَوَضٌ)(1)
شَوقاً .. يسائلُهُ عن زَرعِهِ .. أَنَمَا ؟
عُذراً (عزيزةُ) .. إنْ عانقتِ (رَاوِيَةً)
وقَبَّلَتْ (أنَسَاً) في الخُلدِ وابتَسَمَا
وجاءَكِ الخَبَرُ المشئومُ عَنْ نَفَرٍ
قدْ أخجَلُوا الشعبَ والتاريخَ والأُمَمَا
إذْ وَقَّعُوا (الصَّكَّ) للطاغي ؛ فقاسَمَهمْ
حُكمَاً ، وإِثْمَاً ، وما أبقَى لهمْ ذِمَمَا
***
آهٍ على وَطَنٍ أدمَاهُ سَاسَتُهُ ..
على الذينَ قَضَوا دَمعِي الغزيرُ هَمَى
لكِنَّهُ ليسَ دمعَ العاجزينَ جَرَى
فلَستُ بالحُزنِ أو بالدمعِ مُنهَزِمَا
(نحنُ أولُو قُوَّةٍ) ، والحُبُّ مبدؤنا
والسِّلمُ قائدُنا ، نُعلي بِهِ الهِمَمَا
نمضي بِعَزمٍ إلى تحقيقِ غايَتِنَا
وما تناسَى الرجالُ الوعدَ والقَسَمَا
النَّصرُ آتٍ .. ورَبُّ الكونِ ناصِرُنا
فَوَحِّدوا الصفَّ وامضوا نحوَهُ قُدُمَا
النَّصرُ عَزمٌ وإيمانٌ وتضحِيةٌ
وليسَ جيشاً ولا (حِلفَاً) ولا رَقَمَا
ياسين عبدالعزيز
10/12/2011م
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) ورد في القصيدة أسماء الشهداء:
هاني : أحد شهداء الثورة الذين سقطوا بقصف قوات نظام علي صالح على تعز بعد توقيع صالح والمشترك علي المبادرة الخليجية .
عوض : أول شهداء الثورة في ساحة التغيير بصنعاء .
عزيزة : أولى شهيدات الثورة ، استشهدت برصاصة أحد قناصة نظام علي صالح في مسيرة كانت تجوب شوارع تعز .
راوية : استشهدت في مسيرة بمدينة تعز بعد توقيع صالح والمشترك على المبادرة الخليجية .
أنس : أصغر الشهداء الأطفال(10أشهر) استشهد برصاصة أحد قناصة نظام علي صالح في أحد شوارع العاصمة صنعاء .