لم يكن ملاكاً، ولكنه رغم ذلك كان يعلم أنه يستحق هذا الوصف أكثر من بعض الأشخاص في حياته. ابتسم لها وهز رأسه بالنفي رافضاً أن تصفه ب"الملاك"، ربت بكفّه على كتفها واستدار لتقوده قدماه إلى حيث لا يدري .
في مساء ذاك اليوم، وبعد أن فكّر مليّاً بكلامها المعسول، قرر –وأخيراً- أن يستخدم صندوق بريد لاستلام رسائل مغشوشة قد تصله في وقتٍ مزيّفٍ ربما !
منذ أن وضع الصندوق، قرر أيضاً أن يمارس حياته اليومية بشكلٍ طبيعي ولكن بمكانٍ آخر، بالقرب من صندوق البريد !
كان يغفو، يصحو، يتناول وجبته الوحيدة، يمشط بقايا شعره، يشذب ذقنه، يشرب عصير الطاقة الذي لا يمدّه بشيءٍ سوى بمزيدٍ من الكسل.. كل هذه الأمور وأشياء أخرى أيضاً مارسها يومياً بالقرب من صندوق البريد..
وبعد أسبوعٍ أو اثنين، شعر بالإحباط، إذ لم تصله أيّ رسالة، فحمل أغراضه كلها ودخل إلى بيته مرةً أخرى، وقرر ألا ينتظر شيئاً أبداً، وفي صباح اليوم التالي خرج من بيته دون أن يلتفت إلى ناحية الصندوق، رغم أنّ صندوقه في ذلك اليوم كان ممتلئاً .. ممتلئاً برسائل كثيرة !
ريم بركات