" هل صدقت الرؤيا يا أبي؟!
هل سفهت أحلامهم ؟
و حطمت أصنامهــــم
لذلك أحرقــــوك؟!! "
لم يعرفوني يا أبي
لم يعرفوني فيك حين اتهموني
و ما عرفوك في مشيتي
و في دمعتي ما عرفوك
وحين على كتفي وشموني
لم تطابق رائحة الشواء
دخان صدرك المحترق
فأنكروني و أنكروك
لم يعرفوني يا أبي
نفضوك من ذاكرتي
و من الدفاتر مزقوك
أنكروني و أنكروك
أنت علمتني المشـــي
و أنا علمتهـــم
ثم إنهم لم يفقهوا مشية الطاووس
فجحدوني و جحدوك
لم يعرفوني يا أبي
أنا العاشر من دمك المحترق
و أنا نبيذهم على الموائـد
لكنهم كل مساء من العمر
حين يسهرون و حين يثملــون
يختلط عليهم مذاق النبيذ الفرنسي و العرق
فيتأسفون، ويتأففـــون
لم يعرفوني أبدا يا أبــي
لم يعرفوني..
ولا أظنهم قد عرفوك
لم يعرفوني يا أبي
من غصة في حلقك
و دخان في صدرك قتلوك
و حين كنت أحمل النعش على كتفي
للوطن الأخير أزفك
أوقفوني على الحدود
لم يسألوني.. و سألوك!!
كفكف دموعك، لا تبلل الكفن يا أبي
لا أريدهم أن يلمحوك
لا أريدهم أن يجدوا تهمة ليتهموك
و حين أدليت باسمك ما عرفوك!
و قالوا من أي القبائل أنت؟
و أنا لست إلا منك يا أبي
لست إلا منك كيف أخبرهم؟؟
أنك القبيلة و الربع و الدخان و الوطن
و كيف أخبرك يا أبي؟؟
أنهم عن وطنك الأخير منعوك
أتذكر يوم ميلادي يا أبي؟
كانت السماء بكل الفصول
لم أكن أول الصالحين
كان ترتيبي العاشر
و كان لنا كبش وحيد في الحظيرة، أتذكر؟
لم نذبحه ذاك العيـــد
كان العام جذبـــا
و قد خافوا علينا فرط الفرح
فــــــألغوه..
و أين الفداء يا أبي؟
أظنهم حجزوه
هل صدقت الرؤيا يا أبي؟؟
أخبرني.. أحقا كنت صالحا؟
و كم صالحا كان لديك
كم خائفا، حذرا، وجلا، صار لديك؟
عشرة أم عشرون؟
لماذا إذن أنكروني يا أبي
و لماذا أنكروك.؟!
"هل صدقت الرؤيا يا أبي؟!
هل حقا قمت في الناس مؤذنا؟؟
و هل صدقا أجابوك!!"
--- حميد العمراوي