خيانة القوس
سلي النوائبَ: ما أبقت من المُهج ِ
إلا الرماد الذي يبقى من الوهَج ِ
قد كنتً أحسبها قبلاً تهادنني
حتى هوتْ قدمي في أضيق الفُرَجِ
فما أنا اليوم ربّانٌ بمركبه
في زرقة الفجرِ يعلو صهوةَ الثبَجِ
كأنما الموج في أعقابه دررٌ
تُسلسِل الشمسَ من إشعاعها البَهِجِ
وهكذا: كلّ من مرّتْ سفينتهُ
ظنّ العواصفَ نامتْ عنه في اللُّججِ
ولا أنا اليوم باري القوس شذبها
ليفصد الظبية العفراءَ من ودَجِ
تنكبَ القوسَ كي يرتاض عن كثبٍ
فإن أصاب وإلا ليس من حرَجِ
بل خانت القوسُ فيمن خان بارئهُ
وعدْتُ، لا عدُتُ! مكروباً بمنعرَجي
إذا لعبتُ بها أصمتْ، وإن صدَقتْ
نفسي الرّمِيَّةَ لم تقصدْ ولم تعُجِ
ظننتُ حبّاً، فكان البوح مبعدةً
عمّن أحبّ، وأقصاني عن الأرجِ
وهاجني الوجد ملتاعاً لرؤيته
فما تمتعت من كُحلٍ ولا دعجِ
وعابني الصدقُ لما جئت أحسبه
لي الشفيعَ على ما كان من عِوجِي
فاغتالني وهو من ضعفي بمقربةٍ
من المقاتلِ، لمّا بان معتلِجي
ولو كتمتُ فهل أغضي على ظلُمٍ
وتقتل النفس أشواقي إلى البلَجِ!
قد يسعد الزيفُ أقواماً بعيشتهمْ
ويسحقُ الصدقُ هاماتٍ على الدرَجِ
نسجتُه لي أثواباً مفصّلةً
وسِرتُ في النورِ لمّا سِيرَ في الدلَجِ
وما امتطيتُ سواهُ حينما احتشدتْ
حولي السباعُ وأعمتني من الرهَجِ
فإن كبا بيَ أو دُقّت به عنقي
فسوف أمضي كريماً غيرَ مختلَجِ
هبي وصالاً، وجودي نظرةً، وقفي
مخافة َ اللهِ بين الهجرِ والغنَجِ