في البدء كان طفلاً لم يرى غيرَ ساحة فناء داره وجدارا يحيط بأحلامهِ. قرر هذا الطفل ان يكتب شيئاً على هذا الجدار فكانت هذه البداية....
لم يعلم ذلك الطفل أنه بخربشاتهِ البريئة على جدارِ احلامه قد أعطى الإذن لشعبهِ في ان يرسم ملحمة أسطورية من روائع هذا العصر في معنى الحرية والعزة والكرامة.
ذهبَ ذوو الطفلِ ليسألوا عنهُ وعن رفاقه فكان الجواب أطغى من العقاب "ليس لكم ابناء وان كنتم تعجزون عن ان تنجبوا غير هذه المخلوقات التي تجرأت على ملكوتنا وكهنوتنا فاأتوا بنسائكم الينا"
لم يدور بخلد هذا المجرم التتري ان من توجه له هذه الكلمات هم من أحفاد أبن تيمية الذي أوقف طوفان وهمجية التتار وأن كلماته تلك قد حركت في الشعب براكين العزة فثارت .ها نحن نشاهد فصول هذه الملحمة السورية لشعب صبر طويلا على الظلم والطغيان وعلى الكفر والإلحاد. علم هذا الشعب أنهم إذا لم يزيلوا هذا العار الذي وصمه أياهم هذا النظام المجرم فسيلعنهم أحفادهم فمسلسل الظلم مستمر منذ أكثر من أربعين سنة فالأب قتل الأباء والأبن الآن يقتل الأبناء والحفيد غدا سيقتل الأحفاد.
من أراد ان يعرف حقيقة وشجاعة هذا الشعب عليه أن ينظر لأفعال هذا النظام الذي تلبس بحزب البعث الذي لم يجر على المسلمين غير الويلات والنكبات فجعل من بلاد المسلمين مسخا لا دينا يقام على الأرض ولا حرية يستنشقها الأحرار ولا عدل يظل تحته أحد.
حشد ذلك الوباء الذي أصاب سوريا كل ما يستطيع و مُدت له كل حبائل النصر في نظره من إيران وأذنابها من هنا وهناك. أراد أن يلعب دور والده الذي أتى للسلطة بإنقلاب عسكري وأصبح وصيا على بلد لم يكن يوما ينتمي اليها . من يرى وحشية هذا النظام وسفكه لدماء الأبرياء ليدرك انه لم يتربى على أرض سوريا الحبيبة .كم مجزرة أرتكب الأب ولكن غفلت عنها كاميرات التصوير؟؟ وكم مدينة هدمت على رؤوس أهلها لا ذنب لهم الا ان قالوا ربنا الله . ومن أن يعرف هذا وحشية هذا النظام لابد ان يرى ماذا يخلف ورائه خلف كل مجازره . فهو لا يخلف غير الخراب والدمار وعبارات الإلحاد (لا إله الا الوطن ولا رسول الا البعث) هل بهذا أمرنا يا مسلمون؟
لا يمكنك ان تتنبأ متى يصمت العالم ومتى يؤيد . وهذا النظام يراهن على صمت العالم و تلفيق المسرحيات ليلصقها بالأبرياء . لكن الشعب السوري قد قال كلمته (( وما تشأؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين)) فخرجوا بصدورهم العارية وقد لبسوا الأكفان ليقابلوا آلة القتل والموت برضا وكرامة وهو يردد :
ونفسُ الشريف لها غايتان = ورود المــــنايا ونيلُ المـــــــ،،،نى
وما العيشُ ؟ لا عشتُ إن لم أكن = مخوف الجناب حرام الحمى
إذا قلتُ أصغى لي العالمون = ودوّى مــقــاليا بيــن الـــــورى
لعمرك إنّي أرى مصرعي = ولكــــن أغذّ إليــــه الخـــــــــطى
أرى مصرعي دون حقّي السليب = ودون بلادي هو المبتغى
يلذّ لأذني سماع الصليل = ويبهــــجُ نفـــــسي مســـــــيل الدما
وجسمٌ تجندّل في الصحصحان = تناوشُــــهُ جارحـــاتُ الــفلا
فمنه نصيبٌ لطير السماء = ومنه نصيــبٌ لأســـد الشّــــرى
كسا دمه الأرض بالأرجوان = وأثقـــل بالعطر ريح الصّــــبا
وعفّر منه بهـــيّ الجبين = ولكــن عُفاراً يزيد البــــــها
وبان على شفتيه ابتسامٌ = معـــانيه هزءٌ بهـــــذي الـــدّنـــــا
ونام ليــحلم َ حلــــم الخلود = ويهـــنأُ فـــيه بأحـــلى الــرؤى
لعمــــرك هذا مماتُ الرجــال = ومن رام موتـــاً شــريفاً فذا
فكيف اصطباري لكيد الحقود = وكيف احتمـــالي لسوم الأذى
أخوفاً وعندي تهـونُ الحياة = وذُلاّ وإنّـــــــي لــــربّ الإبــــا
بقلبي سأرمي وجوه العداة = فــــقلبي حـديدٌ وناري لـــــظى
هذه الكِلمات كان من المفترض أن يقولها وهو يواجه الصهاينة المغتصبين لكن ها هو يقولها لنظام يقول أنه سوري وهو يسرق أرض سوريا ويبيعها بأبخس الأثمان والثمن من يدفعه ؟ وما هو المقابل؟ ومن المشتري؟
من يدفع الثمن هو الشعب السوري والمقابل بقاء هذا النظام وتلميع صورته أمام ساسة الغرب والمشتري إسرائيل.
عرفت لماذا يثور هذا الشعب؟ وعرفتم من المحتل الآن؟؟ ومن المندس .
إنه من العار ان تساوى بين الضحية والجلاد فيقال اوقفوا حمامات الدم التي تسيل في سوريا لان من يقتل ويخرب هو من يفترض ان يحمي العباد والبلاد .
شكرا يا شعب سوريا على هذه الملحمة التي لا تسع الكلمات الان ان تنزوي في أحد أركان هذا العالم لتشاهدها بصمت وإستحياء ولتشاهد فصول من العزة والكرامة والحرية سيذكرها التاريخ إن بقي في الدهر أزمان . قلتم الله معنا فكرروها ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون بإذن الله
فإمّا حياة تسرّ الصديق = وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
غصن الحربي (من مدونتي)
تحية لأطفال سوريا الذين أشعلوا الثورة