رقة وحنان وشقاوة
بعدما تعب قلبي من الكتابة عن أوضاع الأمة وجدتني كالمحارب القديم الذي يريد أن يستريح ولو لبرهة ، فأغلقت كل محطات الأخبار التي تتوالي لدي عبر الفضائيات المختلفة ، وشرعت في البحث عن أي مشهد يكسر حلقة السأم من مشاهدة قنوات تبث مظاهر الظلم الذي يمارسه بعض ساستنا عن جهل أو عن عمد وهم يتوهمون بأرجاع عقارب الساعة إلي الوراء من جديد ، وأنا أعذرهم كونهم قفزوا علي السلطة دون أدني مؤهلات علمية أو شخصية من التي يستلزمها وجودهم في سدة الحكم ،
بدأت البحث عن شيء يزرع ولو طيف أبتسامه فوق شفاهي ، لكني صدمت بكم الإسفاف والإنحطاط الخلقي الذي بات صنو لأي عمل كوميدي وكأنهم لا يستطيعون إضحاكنا إلا إذا دنسوا براءة ضحكتنا بعبثهم وإنحطاط أفكارهم التي لا تري سوي عري المناظر والكلمات ، فقفلت أقلب في شتى المحطات علي أجد ما يرفه عن نفسي بعيدا عن مناظر اراقة الدماء التي باتت عنوان الشاشات في خضم إنبلاج فجر الربيع العربي ،
وقد تابعت عن طريق الصدفة عدة مقاطع من أفلام عربية وعالمية صادف إنها جميعا رومنسية خالصة ، ومما لفت نظري هو دور الأنثي في كل تلك الأفلام والذي كان خليط رائع بين الرقه والحنان و الشقاوة (بمفهومها المصري أي خفة الظل والروح ) ( وليس بمعنها اللغوي الذي يعني والعياذ بالله الشقاء في الدنيا والأخرة) ، هذا الخليط الذي قلما نجده في الواقع يبرع المؤلفون الحالمون بالمدينة الفاضلة في تصويره فنجد الرجل والمرأه والعلاقة بينهما في تلك الأفلام كما نحلم ونريد ولعل بعض علماء النفس يرجعون تعلق الناس بفن السينما لهذا السبب فالجميع يتمني أن يعيش ولو لساعات في هذا الحلم الرائع متخيلا نفسة بنبل البطل وقوته وشهامته ، أو برقة وحنان وخفة دم البطلة ،
ولا أدري سببا لعدم تصرفنا جميعا بهذا الشكل في الواقع أو لعلي أدري ولا أريد أن أفصح كحالنا جميعا فدوما هؤلاء الأبطال في الأفلام لا تقد مضاجعهم منغصات الحياة التي نعيشها بل يركز كتاب تلك الأفلام علي خصوصية العلاقة متناسين ما يحيط بها من تشابك بشتي مناحي الحياة لذا تظهر العلاقة ولا يشوبها سوي ما يجعلها قادرة علي الأستمرار والوقوف بوجه كل المصاعب عكس ما يحدث في الحياة الواقعية ،
أعود لحالة الهيام التي جعلتني أعيش بعض المشاهد ولو في خيالي ، وأنا أتمني لو أن تلك الأنثي الخاصة جدا بمواصفاتها من الرقة والدفء والمرح هي أنثاى الحقيقية والتي يشعر شريكها بأنه يعيش الحلم بكل تفاصيلة وتماديت في حلمي وأنا أتخيل لو وجدتها أمامي الآن فماذا سيكون تصرفي وكيف سيكون لقائنا وحديثنا فقادني هذا إلي إستنتاج مؤلم خطر لي علي هيئة سؤال منطقي ألا وهو وهل أنا حققت الشق الأخر من المعادلة ، بمعني أدق وهل أنا تتوافر في نفسي كل أخلاق الشهامة والنبل والقوة التي من المفترض أن تقابل سمو من أخالها شريكة لحياتي الخيالية ،
عندها توقفت الأفكار عن إنسيابها بخاطري وصدمني الواقع بقسوتة وشراسة عقلانيتة ، فمددت يدي لأحول القناة وأعود إلي هم السياسة من جديد علي أجد فيها ما يلهني عن حزني الشخصي علي حالي ، فالحزن الذي تخلفة المشاهد التي تتناثر فيها دماء إخواننا في كل بقاع الأمة من المحيط إلي الخليج يطغي علي إحساسنا بأي حزن أو هم سواه ، أو لعلنا أدمنا الحزن من طول مكوثة طوال عقود ببلادنا ، فلم يعد من سبيل لفراقة أو النجاة من حبائلة ، أستفسار لم أجد إجابة بقلبي له ، فقط يعيدني هذا إلي مقولة الشاعر الكبير: تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغبا في إزدياد ،
أشرف نبوي
صحفي مصري وأديب عربي