الشاعرات ، إحساس مرهف ، لهن في الأمور بصيرة
ولست أدري ما الذي جلب انتباهي وقادني إليهن ،
أهو تعاطفي الشديد مع المرأة ؟ أم لأننا أُتخمنا من الشعر
الذكوري ولم نعرف إلا القليل عن الشعر الأنثوي ؟
أم لأني تلمست في شعرهن جمالا وإبداعا ؟
قد تكون تلك الأسباب كلها
فقد وُجدَ في شعرهن :
مَنْ صورت الحب بشكل لايكاد يجرؤ عليه الرجال
ومنهن من امتلأ شعرها بالحكمة ، والبلاغة ،
ومنهن من حاربت فكرة زواج الشيوخ من النساء الصغيرات
( وهي آفة من آفات عصرنا )
ومنهن من صورت الإنفاق والفقر والغنى
ومنهن من شاركت في الحروب وحرضت على الثأر
ومنهن من رثت فبكت وأبكت
ألا يحق لنا في لغة الضاد أن ننصفهن فنجعل شعرهن
يظفر بما ظفر به شعر الرجال؟
لهذا السبب أقدم لكم :
الشاعرة : عتبة بنت عفيف أم حاتم الطائي
لن نعجب من كرم حاتم الطائي الذي ضُرِبَتْ به الأمثال فهو يجود حتى بنفسه ،
بعد أن نعلم أن أمه عتبة بنت عفيف هي التي أورثته خلَّة الكرم المُتطرِّف ،
قيل عنها إن يدها لم تعرف الانقباض يوما ، فهي فياضة لا تبقي شيئا مما تملكه .
وحين رأى اخوتها أنها على وشك أن تبدد ثروتها على السائلين وعلى الضيوف
حجروا عليها وتركوها مدة تعاني ألم الفقر ، علها تعتبر ،
ثم أعادوا إليها طائفة من إبلها ، وإذا بامرأة جديدة تأتيها سائلةً والحاجة تكوي أضلعها ،فلم تتردد لحظة من أن تقول لها :
( هذا كل ما لدي من الإبل فخذيها ،والله لقد علمني الجوع أن لا أحرم سائلا .)
وأنشدت هذه الأبيات :
لعمرُك قِدْماً عضَّني الجوعُ عضَّةً** فآليْتُ أن لا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم أعفني** وإن انت لم تفعل فعضّ الأصابعا
فماذا عساكم أن تقولا لأختكم** سوى عذلكم أو عذل من كان مانعا
ولا ما ترون الخُلْقَ إلاَّ طبيعةً ***فكيف بتركي يا ابن أمّ الطبائعا ؟