ماذا أقولُ وقلبي الآنَ يحترقُ
ودمعُ عيني على الخدَّينِ يندفق
سوريَّةُ اليومَ جرحٌ نازفٌ حِمماً
وليسَ يكتبُه حِبرٌ ولا ورق
جثا الطغاةُ عليها أهرقوا دمَها
وكمْ بغَوا في حناياها وكمْ سرقوا
وكبَّلوها بقيدِ القهرِ وانتهكوا
تلكَ العروس وفي أفيائِها فسَقوا
يسومُنُا جَمعُهم سوءَ العذابِ وما
درَوا بأنَّ طريقَ الظلمِ مُنغلقُ
كنَّا نخافُ من الجدرانِ إذ سمِعتْ
لهمسِنَا ومنَ الأصحابِ إذ مرقوا
كنَّا نعضُّ على جوعٍ نواجذَنا
ولا ندُقُّ على بابٍ سينغَلق
نصيحُ من صمتِنا ياربِّ هل كبُرتْ
أحلامُنَا في رغيفٍ بَلَّهُ العرقُ
تلك السنونُ عِجافاً قد مضتْ ومضَى
خوفٌ تَيبَّسَ من غصَّاتِه الرمق
وحانَ من بعدِ حينٍ ثورةٌ صرخَتْ
فزلزلتْ راسيَاتُ الشامِ ما وثَقوا
هبَّ الجميعُ وصاحَ الكلُّ منتفِضاً
لا للطغاةِ وكانَ الحقَّ ما نطقوا
درعا أماطتْ لثامَ الخوف فارتعدَتْ
فرائصُ الظالم المذعورِ تصطفق
وكبّرت بعدها كل البلاد فلا
تلقى سوى ماردٍ يصحو وينطلقُ
حمصٌ حماةُ ودير الزّور ما فَتِئتْ
تمضي وادلبُ لا يغفو بها الغسق
كنّا فرادى ونحن اليومَ واحدُنا
ألفٌ ولسنَا نخافُ الموتَ إن صعقوا
نصطفُّ عند رصاصٍ مُـمْطرٍ قمماً
هذي الصدورُ متاريسٌ ستنطبق
أماهُ لا تحزَني قولي لهمْ ولدي
نذرتُه للفدا إِنْ كبَّرَ الأفقُ
يكفيهِ ربٌّ يلاقِيهِ ويكرمُهُ
أحَنُّ منِّـي إليه الفوزُ والسبَقُ
تَزفُّ روحُهُ من فوقِ السماءِ تبا
شير انتصارٍ فلا خوفٌ ولا قلقُ
بشارُ اِرحلْ فبعدَ اليومِ رايتُنا
للشَّعبِ وحدَهُ يُعْلِيها ويستبِق
بشارُ اِرحلْ فلن تلقى بنا وجلاً
ولن نريكَ بنا صفّاً سيُخترَق
يا ربِّ رحماكَ لا نبغِي لها بدلاً
وسوفَ تنصرُ قوماً فيك قد وثِقوا
صبْراً فإن بُعيْدَ العُسْرِ ميسرةً
وبعدَ ليلِ الضنى يأتي لنا الفلقُ