قال الصاحب بن عباد: بُدأ الشعر بملك، وخُتم بملك، ويعني امرؤ القيس وأبو فراس.
فهو صاحب البيت الشهير
الشعر ديوان العرب أبداً وعنوان الأدب
وقال من احب اشعاره إلي:
مصابي جليل والعزاء جميلُ** وظني بأنّ الله سوف يديلُ
جراح وأسر واشتياقٌ وغربةٌ*** أهمّكَ؟ أنّـي بعدها لحمولُ
إنه السجن...
ان أدب السجون هوالأدب الذي يصور ـ بصفة أساسية ـ ما يعانيه المظلوم تحت وطأة الظلم والاعتقال والأسر والنفي والتشريد،
وهو تجربة ابداعية وانسانية حية صادقة ورائدة، لها تميزها وخصوصيتها ومكانتها في أدبنا العربي والفلسطيني.
وهذا الأدب يعكس بكل صدق وعفوية ألم القهروعمق المعاناة وأثار التعذيب وصنوف القهر والاذلال التي يتعرض لها المعتقل في الزنزانة وخلف القضبان،
وتصميمه على مواجهة السجان والانتصار عليه.
وهذا اللون من الأدب لم يأخذ حظه الجاد من الدراسة على الرغم من أن "جذوره ضاربة في أعماق تاريخنا" وأعني به "أدب السجون والمنافي"
ونستطيع أن نرى هذا اللون في أرقى صوره في القرآن الكريم، وهو يصور محنة يوسف ـ عليه السلام ـ في سجنه:
ابتداء من مكيدة امرأة العزيز إلى أن صار وزيرًا على "خزائن مصر".
ومن هذا اللون أبيات "الحطيئة" المشهورة التي يستعطف فيها "عمر بن الخطاب" ـ رضي الله عنه ـ من سجنه،
بعد أن أمر عمر بحبسه؛ لأنه هجا "الزبرقان بن بدر" يقول الحطيئة:
مـاذا أقـول لأفـراخ بذي مرخ** زُغْب الحواصِل لا ماء ولا شَجَرُ
ألـقـيت كاسبهم في قعْر مُظلمة** فـاغـغرْ عليك سلام الله يا عُمرُ
أنت الإمام الذي من بعدك صاحبه** ألـقـى إليك مقاليد النهى البشر
لـم يـؤثروك بها إذ قدموك لها** لـكـن لأنـفسهم كانت بك الاثر
ومن هذا اللون أيضًا "روميات" أبي فراس الحمداني و"سرنديبيات" محمود سامي البارودي، وكثير من "اأندلسيات" شوقي. وديوان "
وراء حسك الحديد" للشاعر العراقي "محمد بهجة الأثري"
الذي نظمه خلال السنوات الثلاث التي قضاها معتقلاً في معتقلات الفاو والعمارة وسامراء من 28/10/1941م إلى 27/8/1944م،
وأغاني الغرباء لنجيب الكيلاني.
وفي مجال النثر نرى المكتبة العربية حافلة بعشرات ـ إن لم يكن مئات ـ من كتب "أدب السجون" منها ـ على سبيل التمثيل ـ
: "عالم السدود والقيود" للمرحوم "عباس العقاد"، وكتاب "مذكرات واعظ أسير" للمرحوم أحمد الشرباصي.
وكتب مصطفى أمين "سنة أولى سجن" و"سنة ثانية سجن" و"سنة ثالثة سجن"،
وكتاب المناضل العراقي محمود الدرة "حياة عراقي من وراء البوابة السوداء" و"في الزنزانة" للدكتور علي جريشة. و "أيام من حياتي" لزينب الغزالي الجبيلي.
و هذا اللون من أدب السجون – شعره ونثره - يأتي في شكل مذكرات أو يوميات أو ذكريات،
وكثير منه لا يخلو من طوابع قصصية، وأدب السجون ـ بصفة عامة وخصوصًا من الناحية الموضوعية ـ يدور حول عدد من المحاور , من أهمها:
1 ـ تصوير المعاناة القاسية التي يعيشها السجين، والآلام الحسية والمعنوية الهائلة التي تستبد به،
وتحديد أبعاد العلائق بين المسجونين، وحكام السجن والمهيمنين عليه.
2 ـ تصوير بعض النماذج والأنماط البشرية التي يرصدها السجين ويصورها بقلمه وخصوصًا الشخصيات السيكوباتية الغريبة الأطوار.
3 ـ الربط بين حياة السجن والأوضاع الساسية القائمة وما فيها من اختلالات ومفاسد ومظالم قادت صاحب القلم إلى هذا المصير المظلم.
4 ـ ومن ناحيةالاستشراف النفسي المستقبلي تتراوح نظرة الشاعر بين أمل مشرق يتدفق بالحرية الشاملة،
وبين يأس مطبق يصبغ كلماته بلون قاتم حاد. بيد أن كثيرًا من هذه الكتابات تنزع نزعة أيديولوجية روحية في تبرير محنة السجن وعذاباته،
والنظر إلى كل أولئك على أنه ابتلاء وتربية نفسية وروحية بعيدة المدى.
ابو فراس الحمداني
بأي عـذر رددت والهـةعليك دون الورى معوَّلها .
جاءتك تمتاح رد واحدهـاينتظر الناس كيف تقفلُهـا.
إن كنت لم تبذل الفداء لهـافلم أزل في رضاك أبذلها .
تلك المودات كيف تهملهـاتلك المواعيد كيف تغفلها .
تلك العقود التي عقدت لنـاكيف وقد أحكمت تحللها .
أرحامنا منك لم تقطعهـا ؟ولم تزل دائبا توصلهـا .
أين المعالي التي عُرفت بها تقولهـا دائمـا وتفعلُهـا .
ياناعم الثوب كيف تبدله ؟ ثيابنا الصوف مانُبدلهـا .
وله أيضاً:
اراك عصي الدمع شيمتك الصبر** اما للهوى فهي عليك ولا أمر
نعم انا مشتاق وعندي لوعة *** ولكن مثلي لا يذاع له سر
اذا الليل أضناني بسطت يد الهوى*** وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر
والكثير الكثير من تلك النماذج..
وإني إذ أضع هذه المشاركة بين أيديكم ,
لأرجو أن ترفدوا الموضوع بما تجود به قرائحكم
( إن كان من قولكم أو منقولاتكم ) ولكم الشكر سلفاً