أنِسْتُ بها عِشْرينَ حوْلاً وبِعْتُها
قال ربيع : لله درّ الشّاعر الذي يقولُ :
وفقدُ الكتاب كفقدِ الصّوابِ ...فيا هولَ من قد أضاعَ الكُتُب
حكى الخطيب التَّبريزي اللّغوي :
أنَّ أبا الحسن الفالي الأديبَ كانت له نُسخَة ٌ من كتاب الجمهرةِ لابنِ دُريدٍ ، وكانت في غاية الجودةِ ، فدعَتْهُ الحاجةُ ذاتَ يَوْمٍ لبيْعِها فكتبَ أبياتا في آخرها يُعبِّر عن مُعانته في بيْعِ أعزِّ ما لديه وهو الْكِتَابُ ...فعَرَضَهَا للبيع فاشتراها منه ابنُ القاسم بستين دينارا ، ثم قام يتصفَّحُها فوجدَ فيها هذِه الأبيات بخطِّ بائِعِهاَ ...يقول فيها :
أنِسْتُ بها عِشْرينَ حوْلاً وبِعْتُها... لقدْ طال وجْدي بعدها وحنيني
وما كان ظنِّي أنَّني سأبِيــعُها ...ولوْ خلَّدْتني في السُّجون ديُوني
ولكنْ لضَعْفٍ وافتقارٍ وصبيةٍ ...صغارٍ عليهم تَستهلُّ شُجونـي
فقُلتُ ولم أملك سوَابِقَ عَبْرَتي ...مقالةَ مكويِّ الفؤادِ حــزينِ
وقد تُخْرِجُ الحاجاتُ يَا أُمَّ مالك ...كرائِمَ من ربٍّ بهنَّ ضـــنينِ
فقرأها ابنُ القاسم وفاضت عيناه وذهب وأرجَعَ النُّسْخةَ له وترك له الدنانير ...
رحمهما الله رحمة واسعة
نقل هذه الدّرة ربيع السملالي من الكتاب النّفيس معجم الأدباء ج 3 ص 542