الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على رسوله وعبده، وعلى من كان من أتباعه وجنده، وبارك ربي فيمن سار على نهجه وهديه من بعده.
أما بعد:
فإنه لا يخفى فضل التفقه في الدين عامة وعلم الفقه خاصة، ولا تخفى أهميته بل ووجوبه في بعض تفاصيله على كل مسلم، فكيف بمن يسير على الجادة من قيامه بما أوجب الله عليه من صلاة وما يلزمه من لزومها عليه من طهارة ولا يعرف كيف يأتي ذلك صحيحه من خطئه وما يقبله الله منه وما لا يقبله، فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يخاطبه باريه بقوله { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} وأخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه (منه) فهو رد» ([1]) فلا بد في العبادة من العلم والبصيرة.
فلقبول العبادة شرطان:
الأول: أن يكون قصد المسلم بعمله الله سبحانه وتعالى لاغير، وهو الاخلاص
الثاني: المتابعة فيكون على عملك دليل بأن توافق عبادة النبي صلى الله عليه وسلم لا أن يكون عملك عاريا من ذلك فتلك هي البدعة.
واجتمع الشرطان في قوله سبحانه في أواخر سورة الكهف { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
لأجل ذلك وغيره ارتأيت أن أتدارس مع إخوتي وأخواتي جميعا متنا فقهيا أرجو من ربي أن يصبغ على هذه المدارسة من بركته وتوفيقه ما به تزكو وتنمو وتؤتي الثمار في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب
وهذا بيان المنهج لذي سأحاول السير عليه إن شاء الله:
1) ــ إخترت متن الدرر الفقهية للإمام الشوكاني -رحمه الله- لهذه المدارسة، فمن أراد المتابعة فليقتنيه فهو متن سهل مع احتوائه لأهم المسائل.
2) ــ سأجعل لكل مسألة عنوانا، ثم أتبعه بنص المتن عليها، متبوعا بشرح الغريب إن وجد، ثم دليل المسألة، ثم فقه الدليل.
3) ــ سأبتعد عن ذكر الخلاف جهدي ما استطعت، لئلا تضيع الأفهام وتتبعثر الأفكارلمن ليس مؤهلا لذلك؛ إلا ما اضررت لذكره اضطرارا، فإني أذكره غير أني لا أترك القارئ خلوا إن شاء الله في ذلك بل أرجح ما ترجح عندي.
4) ــ قد أعلق على بعض المسائل مخالفا للمؤلف، وقد أزيد على متنه مسائل لم يذكرها أرى تركها نقص، وقد أؤخر وأقدر نادرا، فما كتب الله الكمال لأحد من خلقه ولا لكتاب بعد كتابه قال سبحانه في أواسط سورة النساء {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }.
5) ــ ألتزم إن شاء ربي بألا يكون استدلالي إلا بدليل صحيح.
6) ــ إذا كان الحديث في الصحيحين أكتفي بالعزو إليهما إلا إن كانت زيادة في المتن خارجهما فإني أدرجها مع ذكر مصدرها. فإن لم يكن الحديث فيهما أو في أحدهما ذكرته عند أصحاب السنن على الترتيب المشهور وقد أذكر غيرهم معهم لفائدة فقهية أو سندية وذلك لئلا يطول التخريج.
وهذه رموز التخريج مع ذكر الطبعات المعتمدة:
خ: صحيح البخاري ط.دار طوق النجاة
م: صحيح مسلم ط. محمد فؤاد عبد الباقي
د: سنن أبي داود ط. الرسالة
ت: سنن الترمذي ت. بشار عواد معروف
ن: سنن النسائي ط. بيت الأفكار. وقد أعزو إلى الطبعة المصرية
جه: سنن ابن ماجه ت. بشار عواد معروف
حم: مسند أحمد. الجزء والصفحة للطبعة القديمة ورقم الحديث لطبعة الرسالة
طأ: الموطأ ت. بشار عواد معروف
صدأ: صحيح سنن أبي داود الأم للألباني
ضدأ: ضعيف سنن أبي داود الأم للألباني
الصحيحة: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها للألباني
الضعيفة: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة للألباني
الإرواء: إرواء الغليل للألباني
تحب: التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه وشاذه من محفوظه للألباني
هذا ما يسر الله قوله وإعداده، فما كان من توفيق فمن ربي وحده، وما كان من خطإ وزلل فمني ومن الشيطان، اللهم اجعله خالصا لوجهك ذي الجلال والاكرام، ولا تجعل لأحد فيه شيئا.
وصل اللهم وسلم على المبعوث رحمة للعالمين.
عبد الرحيم صابر المغربي
([1]) (خ2697) (م1718)