كَانَ بودّي أن أستَرجعَ أيّامَ الصّبا وشهورَ الطّفولة ، أنْ أنعمَ بمراتع الأنس ومجالس البراءة وأنا بين لِدَاتي .. كان بودّي أن أحلّق في سماء تلك الأيّام المضمّخة بأريج الصّغر..أن أنزعَ عن ذاتي مسؤوليةَ الرّجولة ، أن أبقى صفحة بيضاء ، أن ألقى النّاس بوجه طلْق بشوش ، أن أخلقَ السعادةَ لأمي وأبي ، أنْ أحييَ ليالي النّوم الجميل وأعيدَ خيالَ الحلم اللذيذ ..
منعَ البقَاءَ تقَلُّبُ الشّمسِ ... وطُلُوعُها من حيثُ لا تُمسي
وطُلُوعُها حَمْراءَ صافيةً ...وغُرُوبُها صفْــرَاءَ كالوَرْسِ
اليوم أعلمُ ما يَجِيءُ بهِ ...ومَضى بفَصْلَ قضَــائِهِ أمسِ
لكن ، شيخٌ أنا رغم أيّام الشّباب التي تطفحُ بها أيّامي ، يسكُنني ظلّ الخيْرِ..وأعرفُ كيفَ أسطّر ما يجولُ بخاطري ، خطّي أنيق ، قلمي بغير جدّ مغزلُ ، كلماتي واضحة كنهارٍ إفريقي ، عاريةٌ كالحقيقة ، ومواضعي تجلس من القرّاء مَزْجَرَ الْكَلْبِ ..
شيخٌ أنا رغْمَ حداثتي ، تَسكُنُني همّتي وعزيمتي ..ألتقطُ أنفاسَ إرادتي وأنا أتسلق جبالَ زماني ...
فاعذروني فاضَ حبري بما استوحاهُ من حنيني إلى الأيّام السّالفة ...
أترجو أنْ تكونَ وأنتَ شيخٌ ...كما قد كنتَ أيّامَ الشّبابِ !!
أعجبتني هذه
قالها الاستاذ ربيع بن المدني السملالي في عصارته