أَذَانُ الْفَجْرِ يُرفَعُ عَالِياً فِي سَمَاءِ الْمَدِينَةِ ، اِنْتَزَعْتُ نَفْسِي انْتِزَاعاً ، وَ انْفَصَلْتُ عَنْ فِرَاشِي وَ الْوَهَنُ يَكَادُ يُطَقْطِقُ عِظَامِي النَّخِرَةَ ، وَ يَسْرِقُ مِنِّي بَسْمَتِي النَّضِرَةَ ،اِلْتَحَفْتُ جِلْبابيَ الْبَاهِتَ ؛وَ أَنَا أَفْرُكُ عَيْنَيَّ الْمُلْتَصِقَتَيْنِ أُحَاوِلُ عَبَثاً فَتْحَهُمَا ، أَشْكُو فُتُورَ اجْتِرَارِ الأيَّامِ الْمَنْسُوخَةِ وَ ضَيقَ السَّنَوَاتِ الْمُشَتَّتَةِ الرَّتِيبَةِ ،أَسْرَجْتُ حَقِيبَتِي وَ الدَّمْعَةُ مُعَلَّقَةٌ بَيْنَ أَشْفَارِي،وَ أَلْقَيْتُ فِي حَسْرَةٍ مَرِيرَةٍ بِمَاضٍ قَرِيبٍ لِفَتَاةٍ فِي الثَّامِنَةِ عَشرَةَ تَخَلَّتْ عنْ أَحْلَامٍ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ رَغْبةِ أُسْرَتِهَا ...
نَظَرْتُ إِلَى الْأُفُقِ الْحَالِمِ مُتَمْتِمَةً بِكَلِمَاتٍ تَفْتَحُ لِي بَابَ الرَّجَاءِ..دَلَفْتُ خَارِجَ الْبَيْتِ ،وَ بَيْنَ بُرُودَةِ الطَّقْسِ الْقَاسِي وَ قَيْظِ الْعَاطِفَةِ الْمُشَرَّدَةِ ، اِنْطَلَقْتُ بِمَشَقَّةٍ فِي رِحْلَتِي الْيَوْمِيَّةِ ، رَكِبْتُ سَيَّارَةَ أُجْرَةٍ وإِلَى جَانِبِي شَبِيهَاتِي ،وَصَلْنَا الْمَكَانَ الْمُعْتَادَ ،بَلَّلْنَا شِفَاهَنَا بِكُوبِ قَهْوَةٍ يَتِيمٍ، وَ شَرَعْتُ فِي الْعَمَلِ .
بَيْنَ الْبَابِ وَ الْبَابِ ..بَيْنَ الصُّعُودِ وَ الْهُبُوطِ.. حَمَلْتُ أَطْنَانًا وَ أَطْنَاناً تَحْتَ صُرَاخِ الْأَسْيَادِ، وَ رَكَلَاتِ الْقِيَادِ وَ هَمْزِ وَ لَمْزِ الْجِرَاءِ ،مِنْ أَجْلِ تَلْبِيَةِ طَلَبَاتِ الزَّوْجِ الْخَامِلِ وَ إِطْعَامِ الْأَوْلَادِ..
وَ بَيْنَ الْمَجِيءِ وَ الذَّهَابِ تَذَكَّرْتُ وَلِيدِي الْجَدِيدَ وَقَدْ تَرَكْتُهُ فِي أَحْضَانِ أُخْتِهِ (...) ذَاتِ السَّبْع سَنَوَاتٍ ، الَّتِي تُمْسِكُ عَتَبَةَ الدَّارِ فِي غِيَابِي ...!!
كَانَ هَذَا رَدُّ أُمٍّ صَبَاحَ الْيَوْمِ ، وَ أَنَا أَسْأَلُهَا عَنْ سَبَبِ غِيَابِ ابْنَتِهَا (...) الْمُتَكَرِّرِ .
أحلام المغربي