كتب أبو منصور أفتكين التركي , متولّي دمشق إلى عضد الدولة بن بويه كتاباً مضمونه :
إن الشام قد صفا وصار في يدي, وزال عنكم حكم صاحب مصر, وإن قوّيتني بالمال والرّجال والعُدَد, حاربتُ القوم في مستقرّهم.
فكتب إليه عضد الدولة في جوابه هذه الكلمات, وهي متشابهة في الخط لاتُعرَف إلا بعد النقط والضبط؛ وهي:
(( غرّك عزّكَ فصار قصارى ذلك ذِلُّك,فاخشَ فاحِش فعلِك, فلعلّك بهذا تهدأُ)).
قال القاضي شمس الدين بن خلكان تغمّده الله برحمته: لقد أبدع غاية الإبداع.
يقول الكاتب : وأبدع منه قول السلاميّ فيه من قصيدته التي منها:
إليك طوى عرض البسيطة جاعلٌ***قصارى المطايا أن يلوح لها القصرُ
فكنت وعزمي في الظلام وصارمي***ثلاثة أشياء كما اجتمع النّسرُ
وبشّرتُ أمالي بمَلكٍ هو الورى***ودار هي الدنيا ويوم هو الدّهرُ
قال ابن خلكان: هذا على الحقيقة هو السحر الحلال كما يقال. وقد أخذ هذا المعنى القاضي أبو بكر الأرجانيّ فقال:
يا سائلي عنه لما جئتُ أمدحُهُ***هذا هو الرجل العاري من العار
لقيته فرأيت الناس في رجُلٍ***والّهر في ساعة , والأرض في دار
ولكن أين الثرى من الثريا
وألمّ أبو الطيب المتنبي بهذا المعنى لكنه ما استوفاه بقوله:
هو الغرض الأقصى, ورؤيتك المنى***ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق!
ولكن ليس لأحد منهما بيت السلامي.
من كتاب:
طيب المذاق من ثمرات الأوراق
لتقي الدين الحموي(ابن حجــة)
(777-837هـ