حاولت التوفيق بين عام غيابك وحضورك, وذهلت حين وجدتهما يتقاسمان الشهور ذاتها , والأسابيع ذاتها , والأيام, وكذلك السويعات والدقائق والثواني .
وقفت على شاطئ شاهدت رماله خطواتنا وهي تتشابك كحلقات السلاسل دون أن تقوى الرياح على محوها, فوجدت الذكرى تبكي الذكريات , ووجدت البريد يبكي الخواء , ووجدت الحروف التي أودعناها ذات تواصل عريق بخزينة الأماني وهن تزامنها مع ما يحدث من حولنا .
آه كم أذهلتني تلك الحروف التي أينعت ثمارها دون أن يتناولها غير ذي حق بها عن حق ..وجدت روحك الملائكية تحوم حول نجوم أفكاري.
وعرفت أن أفكارنا كيانات شبه مستقلة عنا ..وإلا كيف بك تنبثق من تلك المساحة المضيئة في مخيلتي لتثب كالصقر على أعلى أغصان الروح.. وتلبس اللحظة الراهنة التي تفتك بها وعكة النسيان بـ حضورك المثير لملحمة الأدب, واستسقاء غيث القصيد. لكأنك لست شاعرا فقط, بل أنت من يملك مفاتيح البيان ويسكن بيت القصيد في دواوين العرب .وتلبية لخطابك ! سأراسلك حتى آخر رمق الحبر . أنت تعرفني بأني امرأة لا تستجدي رحمة الموج مهما علا ولا تذرف دمعها اللؤلؤي من أجل ابتسامة ولا تبكي على الجحافل المتقهقرة إنما انتزع انتصاري من ميادين أشعاري.
الانسان في وطنك يستحق الحياة الكريمة لأنك سطرت على سواحل الجزيرة العربية ملامح الحياة الكريمة لملاحم الرجال الذين ورثوا زمام أمر الآخرين وان كثرت الضوضاء هنا وهناك وامتصت اسفنجة العولمة مواقفهم المجيدة التي سيتباكى عليها التاريخ القادم من نقطة الأفق, لأن وقع تأثير الأصوات التي تمسح خطوط الطول والعرض بزفرة قرار أرعن , لجهل سبق العلم به رغم تأثير تلك الخطوط على الطقس والمناخ وحركة الاساطيل الجوية والبحرية .
لكني لن أقبل ان يندثر تاريخك تحت أي مسمى ..(لذا كونوا على نفس القدر ).
لن تقهرني لحظة التقصي عن أخبارك, بتصفح كتب المستشرقين كـ غابرييل فران و تيودور و وكراتشو مسكي..لأن مرورك من سواحل شرق أفريقيا وحده ترك معالمك الحية على تكويناتنا ..ومازالت نواخيذنا وربابنة البحر تتبع خطاك بإمكانياتهم المتواضعة .
المساحة التي لا تحتويك تتنكر لها الكرة الأرضية , لتصبح منطقة معرضة لنهش الغزاة حيث تفتقر إلى القانون الذي يحمي المساحة الحرة المحايدة بين الدول ..والذاكرة التي لا تخضوضر بذكرك تغدو سلة فارغة , فمن مذهب الوعاء قيمته فيما حمل من المحتوى..والعين حين لا تهنأ برؤياك ترتد خائرة على جدار فراغي مائل إلى اللا رؤية ..وأذن لم تطرب لنشيدك البحري حين تتراقص أمواج البحار على نغماته وتصبح أشعة الشمس أوتارها الذهبية ستصبح تلك الأذن أداة عاطلة عن الأداء ..والقلم حين لا يعانق السطر محدثا الكون عنك يطيش في مساحة الورق ليحمل الأشعار كحمل الأنعام للأسفار ..وقلب لم يلج من بابه الافتتان بك سيصبح كصفيح يرقص رهن زوابع العناء .
فكيف أيها الوسيم الذي بلغ به الجمال الخارجي مبلغ جماله الداخلي أن نحرم من بهاء جوارك حيث تجاورك الشمس على اليمن والقمر على اليسار والمجرة تحتفل أيها الملك السعيد.