الصلة مشتقة من وصَل الشيء وَصْلاً و صِلَة : أكملَه و أزال نقصه ، و اتَّصل الشيء بالشيء لم ينقطع . و الصلة هي الجملة التي تُذكر بعد الاسم الموصول فتُتَمم معناه و تُكمل اسميته و تجبُر نقصَه ، لذلك يسمّى الموصول موصولاً لأنه مربوط بالصلة غيرُ مستقلّ بنفسه .
و تعمل الصلة على تحقيق الربط بين مكوّنات الجملة ، فهي تقوم وظيفة تركيبية ذلك أن الموصول لا يؤدّي وحدَه المعنى بل هو محتاج في ذلك إلى الصلة .
ومن الموصولات الحرفية : أَنْ وأَنَّ وما وكَيْ ولَو، و همزة التسوية ، و كلها وردت في القرآن الكريم حيث استعملت في مواقف تعبيرية و في سياقات متعددة . و تتميز الموصولات الحرفية – كأحد أقسام الموصولات - عن الموصولات الاسمية بسمات أساسية ،هي أنها :
- لا محل لها من الإعراب، مهما اختلف الأسلوب فلا تكون في محل رفع ولا نصب ولا جر.
- لا تحتاج إلى ضمير رابط عائد، مثلما تفتقر الأسماء الموصولة إليه .
- تكوّن مع الصلة مصدراً مؤولاً أو مسبوكاً ، لذلك يطلق عليها كذلك " حروف السَّبك " .
1- اَنَّ : تتكون صلتها من اسمها وخبرها، حيث تصير الجملة معها في مذهب المصدر المؤكد، مثل ( بلغني أن زيدا قائم )التي تُؤوَّل بِ (بلغني قيامُ زيد). ومن ذلك قــوله سبحانه و تعالى : ( قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) الأنبياء / 108 ، فالمصدر المؤول من أنَّ وما بعدها هو في محل رفع نائب فاعل (يوحَى) وجملة (إلهكم واحد) هي صلة الموصول الحرفي ولا محل لها من الإعراب ، وقوله عز و جلّ : ( ألمْ تعلم أن الله على كلّ شيء قدير) البقرة / 106 ، وقوله: ( أولا يعلمون أنّ الله يعلم ما يسرّون و ما يُعلنون ) البقرة / 77 ، و قوله عز و جلّ أيضاً : ( و اعلموا أنّ فيكم رسولَ الله ) الحجرات / 7 ، وقوله سبحانه كذلك : ( يحسب أنّ ماله أخلده ) الهُمزة / 3 .
2- أنْ : يمتاز الموصول الحرفي (أَنْ) عن بقية الموصولات الحرفية بسمات تركيبية يمكن إجمالها في أنه يجوز حذفه ، وقد ورد في القرآن الكريم في مواضع كثيرة نذكر منها قوله تعالى : ( إن الله لا يستحي أنْ يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) البقرة / 26، وقوله : (و الله يريد أنْ يتوب عليكم و يريد الذين يتّبعون الشهوات أنْ تميلوا ميلاً عظيما ) النساء /27 ، و قوله جلّ و علا: (إنا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبين أنْ يحملنها ) الأحزاب / 72 ، وقوله سبحانه : ( أيحسب الإنسان أنْ يترك سدى ) القيامة /36 .
3- لو : ذُكر الموصول الحرفي (لو) إثنتي عشرة مرة في القرآن الكريم ، وغالبا ما يرد بعد (وَدَّ) أو (أحبَّ) وما في معناهما. وتكون (لَو) موصولة بجملة فعلية أواسمية ، وإذا تلاها الماضي بقي على مُضيِّه ، أما المضارع فيصبح دالا على الاستقبال . ونمثل لذلك بقوله سبحانه : ( يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنة ) البقرة /96 . حيث جاءت (لو) موصولة بالجملة الفعلية (يعمر ألف سنة ) ، و(لو) هنا مصدرية ينسَــبِك منها مصدر هو مفعول (يودُّ)، تقديره: يودُّ أحدهم تعمير ألف سنة ، ومنه قوله عز و جل : (ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ) البقرة / 109 ، وقوله أيضا : ( تودُّ لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا) آل عمران /30 ، وقـــوله سبحانه : ( يودُّ المجرم لوْ يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ) المعارج /11 ، وأيضاً قوله جل و علا : ( ودّوا لَوْ تدهن فيدهنون ) القلم /9
4 - كي : وردت (كي) في القرآن الكريم أربع مرات، ونشير إلى أن صلتها لا تكون إلا جملة فعلُها مضارع ، كقوله سبحانه : ( وأشركه في أمري كيْ نسبحك كثيرا ) طه / 33 ، و قوله : (فرددناه إلى أمه كي تقرّ عينها و لا تحزن )القصص/ 13 ، و كقوله عز و جلّ : (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه و للرسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) الحشر /7 .
5- همزة التسوية : وردت في آيات كثيرة ، منها قوله تعالى : ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) البقرة / 6 و قوله عز و جلّ : ( سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ) الأعراف / 193 ، و قوله كذلك : (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ) المنافقون / 6 .