يُمَثل المغرب و الأندلس حضارة واحدة ارتبطت منذ القديم . والحضارة الأندلسية ليست عربية فقط بل إسلامية .فمن الناحية التاريخية كان " القُوط " هم الحاكمون لإسبانيا التي سميت فيما بعد بالأندلس بعد الفتح الإسلامي لها على يد القائد طارق بن زياد سنة 92هـ .
و منذ هذه الفترة و خاصة مع قيام الدولة الأموية في الأندلس من قبل عبد الرحمن الداخل سنة 138هــ والأندلس تعرف حضارة عربية إسلامية حيث بُنيت المساجد الكبيرة للصلاة و لدراسة العلوم أهمها جامع قُرْطُبة الكبير ، و شُيِّدت القصور البديعة و الفنادق و كانت الشوارع و البيوت ذات تنظيم هندسي محكم . و كلّ مَن زار إسبانيا الآن سيُشاهد هذه المآثر العربية الإسلامية التي قلّ نظيرُها .
و ظلتْ قرطبة فيما بعد وِجهةً للطلاّب من الشرق و الغرب ينهلون من العلم و الفلسفة و الآداب و الطب و غيرها من العلوم ، فكانت تُضارع بغداد في المشرق من حيث العلوم و الآداب و الفنون .
كانت الكتب النفيسة تُقتَنى من البلدان البعيدة حتى امتلأت الخزانات بالكتب النادرة ، و لا زالت إسبانيا إلى الآن يقْصدُها كلّ من يبحث عن مخطوط نادر .
و من يقول إن الحضارة الأندلسية حضارة غربية فكاذبٌ أو جاهلٌ بالتاريخ ، فقد كان للأندلس وصقلية دورمهم و فضل كبير على النهضة الأوربية حيث قام علماؤهم بترجمة هذا التراث العربي الإسلامي إلى لغاتهم للاستفادة منه . و حتى نتبيّن مدى أهمية الحركة الفكرية عموماً والأدبية خاصة التي عرفتها الأندلس في وقت كانت فيه أوربا تعيش تحت وطأة العصور الوسطى هذه أسماء بعض أدباء الأندلس الذين اشتهروا منذ القرن 4 هـ :
ــ في القرن 4هــ : ابن هانئ الأندلسي في إشبيلية ، ابن عبد ربه صاحب ( العقد الفريد ).
ــ في القرن4 و 5 هـ : ابن رشيق القيرواني صاحب ( العمدة في صناعة الشعر و نقده ) و ( قراضة الذهب في نقد أشعار العرب ) ، والمعتمد بن عباد حاكم إشبيلية (Sevilla ) الذي كان شاعراً مبدعاً ، و ابن شهيد صاحب رسالة ( التوابع والزوابع ) ،و ابن حزم صاحب ( طوق الحمامة ) وابن زيدون الشاعر المشهور .
ــ ( في القرن 5 و 6هـ ) : الشاعر ابن خفاجة الأندلسي في بلنسية (valencia )
ــ وفي القرن 7هـ : الشاعر مالك بن المرحَّل السَّبتي ( نسبةً إلى سبتة المدينة المغربية المحتلة من الإسبان ).
ــ و في القرن 11 و 12 هـ الشاعر ابن زاكور .
أما المؤلفات الأندلسية فأذكر منها :
* (حي ابن يقظان) أو (أسرار الحكمة الإشراقية) لابن طفيل ، ويعتبر من أهم ما كتب في الفلسفة .
*(المخصص) لابن سيده الأندلسي و هو من معاجم المعاني .
* كُتُب الزهراوي في الطب والصيدلة .
* (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) في علم الجغرافيا للشريف الإدريسي الجغرافي المغربي .
* (الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة) لابن بسام الأندلسي .
* ( الإحاطة في أخبار غرناطة ) للسان الدين بن الخطيب .
* كتُب ابن عصفور في فن الصرف
* كتُب أبي حفص بن حسن في علم النحو الذي نجد ابن منظوريستشهد بأقواله في معجم لسان العرب .
* (منهاج البلغاء وسراج الأدباء ) لحازم القرطاجني الشاعر و النحوي ، و غيرهم كثير .
فهل بعد هذا ننخدع بقلْب الغربيين للحقائق و ادعائهم بأن الأندلس حضارتُها غربية ؟