الإبدال كمصطلح صرفي هو وضع حرف مكان حرف آخر بشرط ألا يكون هذا الحرف من حروف العلة ، وهو قانون من القوانين الصوتية و الصرفية في آن واحد ، بحيث تجتمع عوامل صوتية و صرفية معاً لتؤدي إلى حدوث الإبدال في اللفظ .
و تفيد معرفة الإبدال مستعملَ اللغة في أمور كثيرة ، أهمها تمكينُه من حسن استخدام المعجم ،لأنه بمعرفته بوجود إبدال في كلمةٍ ما يتمكن من معرفة اصلها المبدل منه و بالتالي يقوم بإرجاعها إلى أصلها مما يسهِّل عليه البحث عن معناها داخل المعجم . كلفظ "اتحاد " مثلا الذي أبدلت فيه الواو تاء ، والذي أصله واويٌ أي من فعل "وحد " . فحين يكون الفرد مُلماً بالإبدال في كلمة ( اتِّحاد ) سيبحث عنها داخل المعجم في حرف الواو و ليس الألف .
ويحدث الإبدال في اللغة في مواضع مضبوطة من النسق العربي منها :
أ ـ إذا كان الفعل المعتل مثالا واويا ( أي فاؤه واو ) فإن هذه الواو تبدل تاء في صيغة الافتعال ،ثم تدغم التاءان في بعضهما . مثل : وصف إذا صغناها على وزن افتعل تصبح ـــــــ اوْتَصَفَ ، فتبدل الواو تاء ـــــــ اتْتَصَفَ ، ثم تدغم التاء في التاء ــــــــــ اتَصَفَ .
وقد وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة حدث في أفعالها هذا النوع من الإبدال نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى : ( والقمر إذا اتَّسق ) الإنشقاق 18 ، ففعل (اتسق ) مشتق من (وسق )المثال الواوي ، وقوله سبحانه أيضا : (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) الزمر 34 ، والشاهد هنا هو فعل (يتقي ) المشتق من (وقى) المثال الواوي كذلك ، و قوله : (هم و أزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ) ،حيث اشتق اسم الفاعلالذي جاء جمع مذكر سالم (متكئون ) من (وكأ) المثال الواوي ، إلى غير ذلك من الآيات التي لا يتسع المجال لذكرها هنا .
ب ـ إذا كان الفعل ثلاثيا فاؤه ( أي حرفه الأول ) دال أو ذال أو زاي فإن تاء الافتعال تبدل دالا مثل : دَثَرَإذا صغناها على وزن افتعل تصبح ـــــــ ادْتَثَرَ، فتبدل تاء الافتعال دالا فتصبح ـــــــ ادْدَثَرَ ، ثم تدغم الدالان في بعضهما ــــــــ ادَثَرَ، و مثل: زان / ازتان / ازدان
ومثل :ذكر /اذتكر / اذدكر /ادَّكر
وهذا النوع من الإبدال موجود أيضا في كتاب الله عز و جل ، نمثل له بقوله : ( وأنبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم ) آل عمران 49 ، والشاهد هو قوله (تدخرون ) الذي اشتق من (ذخر) وطبقت عليه قاعدة الإبدال السالفة الذكر، وكذلك بقوله تعالى : ( وقال الذي نجا منهما و ادَّكر بعد أمة ) يوسف 45 ،الذي حدث في فعلها (ادكر ) إبدال وهو مشتق من (ذكر ) و و ضحنا ما حدث فيه من إبدال آنفا ، و منه أيضا قوله سبحانه : (فكذبوا عبدنا و قالوا مجنون و ازدُجر ) حيث وقع إبدال في ( ازدجر ) الذي اشتق من (زجر) .
ت ـ إذا كان الفعل ثلاثيا فاؤه صاد أو ضاد أو طاء او ظاء فإن تاء الافتعال تبدل طاء مثل : صلح إذا صيغت على وزن افتعل تصبح ـــــــ اصْتَلَحَ ، ثم تبدل تاء الافتعال طاء ـــــــــ اصْطَلَحَ ،ومثل : ضرب / اضترب /اضطرب ، ومثل : طلع / اطتلع / اطلع
أما عن ورود هذا النوع من الابدال في كتاب الله عز و جل فنمثل له بقوله عز و جل: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ) الحج 75 ، و الشاهد هو ( يصطفي ) ، وقوله عز و جل كذلك : (نمتعهم قليلا ثم نضطَرُّهم إلى عذاب غليظ ) لقمان 24 ، حيث حدث إبدال في (نضطرهم ) ، وقوله عز و جل أيضا : ( إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون )الآية7 من سورة النمل ، ففعل (تصطلون ) جاءت فاؤه صادا (صلي ـ يَصْلَى) وبالتالي لو صغناه على وزن افتعل ـــــــ اصتلى ــــــ اصطلى ...
إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن ظاهرة الإبدال من الظواهر الصرفية الموجودة بشكل كبير في القرآن الكريم ، كيف لا والنص القرآني هو الذي استنبطت منه العلوم كلها سواء كانت علوما لغوية : من صوت و صرف و نحو و دلالة أم كانت علوما شرعية .