|
يا راية الإسلام في الأندلسِ |
إني غرستك بالأسى في نفسي |
واستغرقت روحي بآلام بها |
زادت نداءات الجوى من أمسي |
كنا هناك ولم تزل آثارنا |
بين الربوع على امتداد الغرسِ |
كنا الكماة بقوة وشكيمة |
وعزيمة وإرادة في البأسِ |
في روضة أرضية درية |
محمية بجنودنا من رجسِ |
مزروعة مغروسة محروسة |
محروثة بين الندى بالفأسِ |
فيها الأشاوس في صفوف جهادهم |
بالسيف بالرمح القوي والترسِ |
راياتهم بالجو أعلى ذروة |
بصقورها في زحفها المفترسِ |
فيها الجمال مع الجلال تلألأت |
بالنصر تزهو في علاء الرأسِ |
والخصم بالخفض المهين لرأسه |
بقيود إذلال له باليأسِ |
ماذا جرى ؟! قولوا بصدق مقالكم |
هُنَّا وهانت راية المنتكسِ ! |
وكأنها من خبئها تأتي لنا |
لتقول : أين أشاوس الأندلسِ ؟! |
أين الكرام الفاتحون تراجعوا |
لحثالة معدومة من حسِ |
بمراقص ومعازف وتمايل |
بين الغواني جردت من لبسِ |
بين الطبول لأجل دنيا بعدما |
كانت طبول في العدا بالدعسِ |
أمَّت لنا الأنحاء صوب تخومهم |
فتكدسوا بقيودهم في الحبسِ |
يا ويح قوم ضيعوا مجدا لهم |
وتلذذوا بثرائهم بالهمسِ |
بالخمر في كأس السفيه بسكرهم |
تعسا لهم كم أقفروا بالتعسِ |
كم أجدبوا كم عمَّروا ذلا لهم |
كم خربوا عزا لهم بالدهسِ |
كم مزقوا تاريخهم بفسادهم |
كم أُحرقوا بين الثرى بالنَّعسِ |
كم فرقوا صفا لهم بخلافهم |
وصراعهم بجدالهم كالخرسِ |
كم أمعنوا في ضعفهم بجهالة |
كانت لهم فوضى الردى والطمسِ |
بمفاتن الأهواء بين مراتع |
فيحاء ضاعت كلها بالهلسِ |
تاريخنا الصدَّاح أعلن صمته |
لما رآهم كلهم بالرمسِ |
مازلت أنظر بالأيادي راية |
فيها المعاني أشرقت كالشمسِ |
الله ! ما أحلى الخيوط ونسجها |
وتناسق الألوان بالمحتبسِ |
وفخامة الترتيب في تحبيكها |
بنضارها بنعومة في اللمسِ |
كم أشعلت نور الحماسة بينهم |
كم لاحقت لص الثرا المُخْتَلَسِ |
كم جندلت خصما لنا في حفرة |
بالموت أو بالخسف أو بالمسِ |
والقامة العصماء نامت بينهم |
فهي الأسيرة وجهها بالعبسِ |
كانت بكف المجد من فرساننا |
من (عبس) من (ذبيان) أو من (قيسِ) |
حلت بها الأشجان لما أصبحت |
في قبضة (الأسبان) يوم النحسِ |
حزنا على الأعوام مرت وانتهى |
عصر المهابة في شموخ الأسِ |
يا نضرة الأزمان عودي ليتني |
أعلو وأسمو في سماء (القدسِ) |
حتى أعود إلى دياري هاهنا |
بقصور صقر جالس بالكرسي |
في روضة الحمراء يشخص دامعا |
للراية انماعت بكف القسِ |
يبكي على الأمجاد ضاعت كلها |
هل من كميٍّ ثاقب مقتبسِ ؟! |
من سالف الأزمان وثبة داخل |
فذ جريء مؤمن ملتمسِ |
آثار أجداد كرام مزقوا |
رومان .. بزوا دولة للفرسِ |
دارت بنا الموجات دورة خسرنا |
وبها ثوينا في عميق الغطسِ |
تهفو لها الأرواح ليت مكانها |
يصفو لنا في عيشنا المحترسِ |
من زحف ويلات تكاثر بيضها |
فينا بآفات الهوى بالفقسِ |
وغيوم أهوال تتابع ودقها |
بين البرايا في مساوئ طقسِ |
يا راية الإسلام في أرض النوى |
خلع الصدارة مثل خلع الضرسِ |
إني بشعري بالشجون تحفني |
أدواء فقدك يا سَكِينة نفسي |
سأظل للفردوس شاعرها الذي |
يشتاق وصلا في مباهج عرسِ |
قوموا لراية مجدنا بتحية |
فهي الجميلة وقرت بالحبسِ |
قوموا إليها بجّلوها كلكم |
ولتجعلوها حصة بالدرسِ |
قولوا لأجيال لدينا إنها |
رمز الفخار لدولة الأندلسِ |
والملك لله العظيم قضاؤه |
يقضي على جن به والإنسِ |
صلى الإله على النبي وآله |
من حُبُّه نورٌ بفيض الأنسِ !! |