الكتاب: التمثيل حقيقته ، تاريخه ، حُكمه
الكاتب: العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله
الطبعة: دار الراية للنشر والتوزيع - الطبعة الأولى 1411هـ
من مقدمة الكتاب:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فإن التمثيل أصبح في الحياة المعاصرة ( فناً ) له رواده ، ومدارسه ، وطرائقه ، بمسلسلاته ، ومسرحياته ، على اختلاف وسائل نشره في : الإذاعة ، والتلفاز ، وعلى خشبات المسارح ، وردهات النوادي . فصار بهذا يشغل حيّزاً كبيراً في حياة المسلمين : حرفة ، أداءاً ، وسماعاً ، و مشاهدة . فكل مدرسة من مدارس التمثيل تجلب من التمثيليات والمسلسلات ما يُروجها ويُكسبها سمعة وانتشاراً . إذ هي جواد رابح ُتحاز من ورائه الأموال .
ويندر أن ترى الفرق بين أن تكون الممارسات والعرض في دار إسلام ، أو دار كفر .
وقد استشرى هذا في البيوتات ، والأماكن العامة ، فملأ أفئدة عوام الأمة : رجالاً ونساءاً وولدانا . حتى أن من يمجها ولا يهرع إليها ، يُوصف بأنه ( فاقد الخيال ) . لهذا : رأيت أن أبّين للمسلمين منزلة هذا ( التمثيل ) من العلم والدين ، لأن تصرفات المسلم لا بد أن تكون محفوفة برسم الشرع ، في دائرة نصوصه وقواعده ، وآدابه .
ولنرى بعد : هل من يستمزجها ؟ ( له خيال ) أم فيه ( خبال ) ؟ .
وينتظم ذلك سبعة أبحاث هي :
المبحث الأول : ذكر ما كُتب في هذه النازلة تبعاً أو استقلالاً .
المبحث الثاني : في حقيقة التمثيل وأسمائه .
المبحث الثالث : تاريخه وأصله في الاعتياد والتعبد .
المبحث الرابع : أنواعه .
المبحث الخامس : غايته وأهدافه .
المبحث السادس : المدرك الفقهي الشرعي لحكمه .
المبحث السابع : شبه وجوابها .
ومن هذه الأبحاث سيعلم الناظر مما جلبته فيها : أنها ليست نازلة مستجدة من كل الوجوه ، لتقادم العهد بوجود وقائع لها ، و مقابلتها من العلماء بالإنكار منذ القرن الثالث .
وإن الإمام النووي المتوفي سنة 676هـ - رحمه الله تعالى - ذكر تمثيل الوعاظ ، وتمثيل المعلمين ، في كتابه ( الروضة ) ، وعنه ابن حجر الهيثمي في ( الإعلام ) .
و ( قصة التمثيل ) للوعظ ، ذكرها ابن عبد ربه في ( العقد الفريد ) وعنه البكري في ( الوفاقات ) كما في ( صهاريج اللؤلؤ ) .
و( خيال الظل ) ضرب من ضروب التمثيل ، وإلى ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - يُنسب البيتان المشهوران . وقد جمع العلامة أحمد تيمور فيه ما وقع له من قصص وحكايات وموقف العلماء والحكام منها مما سيمر نظرك عليه في هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى - .
لكن صار اعتباره ( نازلة ) عصرنا ، لأنه أصبح ( فناً ) له رواده ، و مدارسه ، ويشكل ظاهرة منتشرة في الأمة .
فمن الواجب إذاً البيان للناس عن حكم هذه الظاهرة ، لنعلم هل هي اعتلال في حياتها ، أم داعية استقامة على صراطها . والله الموفق".انتهى
صفحة تحميل النسخة المصورة
http://www.waqfeya.com/category.php?cid=4&st=405