محمود سامي حسن حسين بن عبد الله البارودي شاعر مصري. كان يعرف بفارس السيف والقلم و ينتمي لمدرسة (الإحياء و البعث) الشعرية التي عنيت ببعث الشعر العربي من الحالة المزرية التي كان عليها في تلك الفترة منحدرا إليها عبر فترات أطول من الركود و الضعف فكان شعراء ذلك الإتجاه _وأبرزهم البارودي_ يتخذون من إستلهام درر الشعر العربي الجَزِل الأصيلِ و التجديد في الأغراض و المعاني سبيلين لبعث الشعر العربي الكلاسيكي من مرقده حتى يردده الناس و يتذوقوه , فأصبح شعره نموذجا لشباب الشعراء الذين نسجوا على منواله كأمير الشعراء (أحمد شوقي) و شاعر النيل _ذلك الفذ_ (إبراهيم حافظ) .
قصيدة (أترى الحمام ينوح من طرب معي؟)
أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى.... وَنَدَى الْغَمَامَة ِ يَسْتَهِلُّ لِمَدْمَعِي؟
مَا لِلنَّسِيمِ بَلِيلَة ٍ أَذْيَالُــــهُ؟ .... أَتُرَاهُ مَرَّ عَلَى جَدَاوِلِ أَدْمُعِي؟
بل ما لِهذا البرقِ مُلتهِبَ الحشا ؟ ....أَسَمَتْ إِلَيْهِ شَرَارَة ٌ مِنْ أَضْلُعِي؟
لم أدرِ هل شعرَ الزمانُ بِلوعتى....فرثى لَها ، أم هاجتِ الدُنيا مَعى ؟
فالغيثُ يَهمى رِقَّة ً لِصبابتى ..... وَالطَّيْرُ تَبْكِي رَحْمَة ً لِتَوَجُّعِي
خَطَرَاتُ شَوْقٍ، أَلْهَبَتْ بَجَوَانِحِي .....نَاراً يَدِبُّ أَزِيزُهَا فِي مِسْمَعِي
وَجَوًى كَأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ، لَمْ يَدَعْ ..... لِلصَّبْرِ بَيْنَ مَقِيلِهِ مِنْ مَفْزَعِ
يأهلَ ذا النادى ! أليسَ بكم فتى ً .....يَرثى لويلاتِ المشوقِ المولعِ ؟
أَبْكِي، فَيَرْحَمُنِي الْجَمَادُ، وَلاَ أَرَى .....خِلاًّ يَرِقُّ إِلَى شَكَاتِي، أَوْ يَعِي
فإذا دَعوتَ بِصاحبٍ لم يَلتفِتْ ..... وإذا لجأتَ إلى أخٍ لم ينفَعِ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّنِي أَشْكُوُ الْهَوَى ..... والذنبُ لى فى كُلِّ ما أنا مُدَّعِى
قَدْ طَالَمَا يَا قَلْبُ قُلْتُ لَكَ احْتَرِسْ .....أَرَأَيْتَ كَيْفَ يَخِيبُ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ؟
أوقعتَ نَفسكَ فى حبائلِ خُدعة ٍ.....لاَ تُسْتَقَالُ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعِ
يا ظبية المقياس ! هذا مَدمعى .....فرِدِى ، وهذا روضُ قلبى فارتعى
إن كانَ لا يرضيكِ إلاَّ شِقوتى ..... فلقد بلغتِ مُناكِ مِنها ، فاقنَعى
أنا منكِ بينَ صبابة ٍ لاتنقضِى..... أيَّامها ، وغواية ٍ لم تُقلعِ
فثِقى بِما تمليهِ ألسنة َ الهوى ..... وَهْيَ الدُّمُوعُ، فَحَقُّهَا لَمْ يُدْفَعِ
لاتحسبى قولى خديعة َ ماكرٍ ..... إِنَّ الْوَفِيَّ بعَهْدِهِ لَمْ يَخْـدَعِ
إِنِّي لأَقْنَعُ مِنْ هَوَاكِ بنَظْرَة ٍ ..... وَأَعُدُّهَا صِلَة ً إِذَا لَمْ تَمْنَعِي
هَذِي مُنَايَ، وَحَبَّذَا لَوْ نلْتُهَا ..... عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، فَهْيَ أَكْبَرُ مُقْنِعِ