|
لي في حمى (أمّ القرى) أحبابُ |
شيــبٌ هنــاك عـرفتهمْ وشبابُ |
إخوانُ صدقٍ، أوفياءُ على المدى |
والـدهـر خــوّانٌ.. لــه أنيابُ |
أخلاقهمْ طهرُ الورودِ وعطْرُها |
إنَّ الشمائـلَ سنّــةٌ وكتــابُ |
تنسابُ (زمزمُ) في عروق كلامهمْ |
فــإذا المسامــعُ... منظـرٌ خَلاّبُ |
لا ينطقون سوى أطايبِ ما اشتهتْ |
منهم عقــولٌ، وانتقــتْ آدابُ |
أنى مشيتَ.. (فجعفرٌ) أو (خالدٌ) |
يلقــاك.. أو (عثمـانُ) أو (خبّابُ) |
نحَتَتْ (حراءُ النورِ) مئذنةً لهمْ |
فــديــارهمْ مــدّ الرؤى محرابُ |
من فجر (اقرأْ)، والثرى سَجّادةٌ |
ذا عـالـمٌ .. ذا عـابــدٌ أوّابُ |
لمَا عَلَتْ في أفقهمْ، ظلّتْ لهمْ |
شـمسـاً تــرفّ، وربّـك الوهّابُ |
شعَّتْ هدىً وفضائلاً ومعارفاً |
فَسَمَتْ بها الأرواحُ والألبابُ |
فإذا القفارُ.. مدائنٌ وخمائلٌ |
وإذا الجبــالُ.. معـاهـدٌ وقبابُ |
من ها هنا فارتْ ينابيعُ السّنا |
فاخضّــرت الأكـــوانُ والأحقابُ |
هي (مكّةٌ).. أو سُرَّة الأرض التي |
تسـقـي الحيـاة، وقلبُـها الوثّابُ |
هي (مكّةٌ)، لولا انبلاجُ (البيتِ) ما |
دُحِيَتْ لنـا كُـرَةٌ، وطــاب تـرابُ |
هي (مكّةٌ)، لولا حماها الخِصْبُ ما |
ائتلفـتْ قــرىً، وتحضّرتْ أعرابُ |
هي (مكّةٌ)، لولا ( رسولُ الله) ما |
انتصبـتْ جبـاهٌ، وانحنـتْ أنصابُ |
هي (مكّةٌ)، لولا سناها الطُّهْرُ ما |
ابتسـمَ الفضـا، وتفتّـحـتْ أبوابُ |
هي (مكّةٌ).. (حَرَمٌ) يظلّ مثابةً |
للنـاسِ، لا تـرقـى إليـه حـِرابُ |
يُجبى إليه من الثمار ثمارُها |
فالأرضُ روضٌ.. والسمـاءُ سحـابُ |
(رُكْنٌ) من الفردوس يحرق (آدماً) |
لَهَفاً، ويهتفُ: طــال منــك غيابُ |