طفل القرى
وفروض المدينة
أحمد حسين أحمد
مهداة للشاعر محمود أمين ردا على قصيدته طفل القرى
١
يأتي كــجنحِ الفجرِ
يخـفقُ في جوانحهِ الندى
يبتلُّ كالنسرينِ
حين تحطُّ في تيجانهِ الخجلى
فراشات النهار
( يأتي علانيةً )
هوالموج الطليق
تدافعت نفثاته القصوى
إلى جزري
تُفتتني
وتحملُ
جذوةَ الإعصــار للمدنِ البعيدة والديار
ماءٌ يسافرُ في العروقِ
يشــدُّ ساريةَ الحنين
على أساور طفلة النارنجِ
في بلدِ الشخير
كــانت هي العبق الذي غنّى
أوائل شعرهِ
وتطرزت أحلامها فرش السرير
طبعت على وجه المساء نجومها
وتدثرت بالنصِّ تقتبس الحوار
واليومُ تنزحُ آهةً عجلى يحاصرها العناق
ليــــت النوافـذ تشرأبُّ بهِ
فــيأتي من خلالِ زجاجها
ويحَ العراق
زرع الأحبة في سقوف الأرضِ
واحتبس النهار
٢
الليلُ يهبــــطُ كالسقامِ على الصدور
وكطـــــائرِ العنقاء ضجَّ بهِ المكان
قدماه حافيتيـن
من جرِّ الظلامِ
علــــى المدافنِ والقبور
يختــــطُّ سـاقيتيـن من نبعِ المحاجرِ
للنحور
و ( سليم) معتكفٌ على باب الزمان
مــــا زال عصــفوراً بلا ريشٍ يطيرُ
ويرتقي فوق الغمام
ما بيــن ( ســامراء ) و (الملّوية ) الكبرى
يحــطُّ على الدوام
مذ كان ( معتصمُ ) العراق مهندساً للجيشِ
يمنحنا السلام
وسـليمُ ليــس ككل عشّاق الصخور
لكنّهُ البنّاء يأتي بالجديد
فعلام تهربُ طفلة النارنج
من بيـن السطور؟
وعـلام ينـكرهُ الـمكان؟
٣
( الأرضُ فارغةٌ )
وما مـن فســـــحةٍ للروحِ تُـجلِسها التراب
رحل السنونو
باعـدتهُ الريح عن لمس السحاب
تبقى ( الرصافة ) وحدها تلقى الغروب
الأرضُ عامرةٌ
ســـترقبُ لاحقاً زمن الهبوب
وسلــــــيمُ يسحرهُ النخيلُ
إذا غــــفا بيـن الرصافةِ والجسور
عيـن المها منذورةٌ للقهرِ
والموتُ الأخير
ومياهُ دجلةَ عافها الزاب الكبير
مقهـــورةٌ نفسي
وليلى في العراق
تنام في حضن الحقير
ماذا إذن يبقى ليسفحهُ الضمير؟
نافورة الأحقاد ؟
أم قلقٌ تمطّى فوق ناصية السرير؟
هــذا هــــو الوطـــن المفـدّى
يرتقي النهرين بالجيشِ الكسير