|
مِنَ الخافقِ المكلومِ ، منْ بـؤرةِ البؤسِ![](clear.gif) |
منَ الوطنِ المسلوبِ أهدي لكمْ همسي |
و منْ حارةٍ فـيها الشَّبابُ زفـافُـها![](clear.gif) |
لـملحودةِ الإقْبارِ ، لا غُرْفةِ العُرْسِ |
إذا ليلـةٌ فيها بِغَـيْـرِ دَمٍ مَـضَتْ![](clear.gif) |
فـتلْكَ تُسَمّى عـِنْدَنا ليْلـةَ الأُنْسِ |
فكمْ صاحبٍ أبـلى مَـحَاسِنَهُ الثَّرى![](clear.gif) |
و كانَ أحَبَّ الناسِ منّي إلى نـفْسي |
و لو أنَّـنـي ألقاهُ حيثُ دَفَـنْـتُهُ![](clear.gif) |
لكُنْتُ قضيتُ العُمْرَ في غيْهبِ الرّمْسِ |
إذا ماتَ إنـسانٌ تـباكتْ أحِـبَّةٌ![](clear.gif) |
لهُ ، ثُمَّ عادتْ منْـهُ ضاحكةَ الضّرْسِ |
و لكنَّ مَنْ أوْدَعْتُ فـي عرْصةِ الثّرى![](clear.gif) |
بهِ الصَّبْرُ و السَّلْوانُ ، لا ذِكْرُهُ منْسي |
وَ مِنْ بُقْعةٍ تغفو و تصْحو على الأسى![](clear.gif) |
و يُصْبِحُ فـيها اليومُ ليلاً كما يُمْسي |
و فيها يموتُ الكهْلُ و الطِّفْلُ جائعـاً![](clear.gif) |
و فيها الردى المرْهوبُ كالطّارقِ السَّلْسِ |
و فـيها الثكالـى و الأرامِلُ ترْتضي![](clear.gif) |
قضاها فما في ما قضى اللهُ منْ بَخْسِ |
أبـثُّ لِمَنْ فـيهمْ بـقايا عُـروْبةٍ![](clear.gif) |
لإوْقِظَ فيهمْ ما تـبقّى مِنَ الـحِسِّ |
أ لسْتُ أخاكم ؟ كُلُّنا دينـُُنا الـهُدى![](clear.gif) |
و نملكُ ذاتَ العِرْقِ و السِّنْخِ و الجِنْسِ |
بِفرْقـتـِنا لـنْ ندرأَ الـحيفَ و البلا![](clear.gif) |
فما الكفُّ إلا في أصابِـعِها الـخمْسِ |
فـإنْ لـمْ تُـوَحِّدْنا المسرّاتُ فَلْنَكُنْ![](clear.gif) |
بأتراحِنا الأخوانَ ، و العكْسُ بالعكْسِ |
لِبَغْدادَ يـوماً كـانت القُدْسُ تشتكي![](clear.gif) |
و ها قدْ غَدَتْ بغدادُ تشكو إلى القُدْسِ |
و نَحْنُ تَـنَحَّـيْنا و نَـنْظـرُ سُذّجاً![](clear.gif) |
عُروبتنا تعْرو إلـى الـمَسْحِ و الطَّمْسِ |
تَسَرَّبَ فِـكْـرُ الـغَرْبِ بيـنَ عقولِنا![](clear.gif) |
و أعلامـُُنا آلتْ إلى الطَّيِّ و الـنَّكْسِ |
رَقَصْنا على الدُّولارِ رَقْصاً ، وكيْفَ لا؟![](clear.gif) |
و نَحْنُ رقَصْنا قبْلَ حيـنٍ على الفِلْسِ |
و هـا نَحْنُ ما زِلْنا عَـبيدَ دراهـمٍ![](clear.gif) |
كـأنْ خَلَقَ الأموالَ ربُّكَ للكـدْسِ |
لِيَ العُذْرُ إنْ عَمَّمْتُ فـي عَتبي لكمْ![](clear.gif) |
فقدْ شلَّ طَعْنُ الظَّهْرِ ما فيَّ مِنْ حدْسِ |
و منْ فقأتْ عَيْنَيْهِ أيـدي صِحابِـهِ![](clear.gif) |
فأهونُ ما يـَخْطَا بِـهِ زلّـةُ اللَّبْسِ |
فـإنْ غالَ منّـي الحدْسَ خِلٌّ عَشِقْتُهُ![](clear.gif) |
و دافَ بـمقياسي الطَّهارةَ بالرِّجْسِ |
و إنْ طَفَحَتْ روحي لِصَوْمَعَةِ الرَّدى![](clear.gif) |
و إنْ غَـرِقَتْ فُلْكـي بِبَحْرٍ مِنَ اليأسِ |
ففي أُخْوَتـي مَنْ فيهِ غَوْثُ اسْتِغاثتي![](clear.gif) |
و آملُ ـ فُلْكي ـ أنْ يكونَ لها المرْسي |
و يـغْـفِرُ لـي إنْ قُلْتُ مُعْتذراً لَـهُ![](clear.gif) |
لِنَطْوِ معاً يا صاحبـي صَفْحةَ الأمْـسِ |
سَمِعْـتُكَ تشكـو ياعـراقُ شِكـايةً![](clear.gif) |
عَـنِ القَدَرِ المشؤومِ و العاثِـرِ النَّحْسِ |
رَمَتْني رزايا الدَّهْرِ في حَـوْمةِ الوغـى![](clear.gif) |
فَخُضْتُ وطِيْسَ الحَرْبِ مِنْ غَيْرِ ما ترْسِ |
و يرمـي فؤادي الشَّانـئـونَ لِعِلْمِهُمْ![](clear.gif) |
بأنَّ طَعيْـنَ القلْبِ ما فيهِ مـنْ بأسِ |
سقانـي أحبُّ النَّاسِ رُمْحاً بـِخافقي![](clear.gif) |
و أسْقطَ صمْصَامي و كسَّرَ لي قَوْسي |
فجاءتْ كلابُ الغَرْبِ تنْهلُ منْ دمي![](clear.gif) |
و كانَ غِذاها فضْلةَ العَظْمِ مِنْ فَرْسي |
وإذْ ما هوى الشَّوْسُ المُهابُ على الثَّرى![](clear.gif) |
ترادفَتِ الطَّعْناتُ رَدْفاً على الشَّوْسِ |
حَذارِ مِـِنَ الـمُبْدي إليـكَ ولاءهُ![](clear.gif) |
و إنْ غَمضَتْ عيناكَ يطْعَنْكَ بالخلْسِ |
عَدوّاً بأثوابِ الصَّديـقِ تـَرى بِـهِ![](clear.gif) |
كَـسمٍّ بِمَعْسولِ القَواريْـرِ مُـنْدَسِّ |
أنا منْ رماهُ الدَّهْرُ في ضَنْكةِ الشَّجى![](clear.gif) |
و غيرَ عقيمِ النَّبْتِ لَمْ أجْنِ مِنْ غَرْسي |
و جَـمْراتُـهُ ذابتْ بأغْوارِ راحتـي![](clear.gif) |
و صارتْ تخافُ النَّارُ إنْ غالَها لَمْسي |
و كمْ تُؤْثِرُ الأقدامُ بي بـغْـيةَ العُلى![](clear.gif) |
على الجَّمْرِ و الأشْواكِ حَافيةً دَوْسي |
أ بـَغْدَادُ ياشَـمْساً لـِغَيْهبِ شَاعرٍ![](clear.gif) |
يرى عَـبَثاً كُـلَّ التَّشَـابيهِ للشَّمْسِ |
يقولُ كأنَّ الشَّمْسَ شَمْسٌ ؟ و كَمْ تُرى![](clear.gif) |
مُجرَّدةً ـ أبْهى ـ منَ الشَّرْحِ و الدَّرْسِ |
و يـا دمْعـةً تأبـَى المآقـي ابْتذالَها![](clear.gif) |
و يا زَفْرةً تربو على الكبْتِ و الـحَبْسِ |
و قـيـثارةَ الدُّنْـيا إذا أنَّ لَـحْـنُها![](clear.gif) |
تَـوشَّحتِ النَّاياتُ ثـوباً مِنَ الخَرْسِ |
تـَمايلْتِ يا بغْدادُ قـدّاً و مَـشْيـةً![](clear.gif) |
أ مِنْ فَرْطِ ما أضْناكِ ؟ أمْ رَهَف الميْسِ ؟ |
عـيونُكِ نُدْمانـي ، رضابُكِ مَرْشفي![](clear.gif) |
عَـبَبْتُ بِهِ دهْراً ، و ما نَضُبَتْ كأسي |
فحينَ يصيـرُ الحبُّ مَحْـضَ خطيئةٍ![](clear.gif) |
و حينَ يكونُ العِشْقُ ضَرْباً مِنَ الـمَسِّ |
يـَمُوْتُ فتـى الأحْـلامِ قـبِْلَ زَفـافِهِ![](clear.gif) |
و تَـرْجِـعُ لـيلاهُ مُـطأطأةَ الرَّأسِ |
تُـناديـن يا ليلى ؟ مَنِ السَّامِعُ النِّدا![](clear.gif) |
فَـهذا زَمَانُ البُغْضِ ما فِيْهِ مِنْ قَيْسِ |