موضوع الوسائل مهم وخطير .. والكلام فيها يحتاج إلى عالم قد غاص أسرار الشريعة ومقاصدها ..
المذهب الميكافيللي ( الغاية تبرر الوسيلة ) قائم على دعم الدولة والمحافظة على قوتها ، وزيادة سلطانها ، بأية وسيلة كانت ، ولو كانت غير أخلاقية ، فالغاية عنده تبرر الوسيلة ، فكانت دعوته إلى الحاكم أن يأخذ بالحيلة والمكر حيناً ، وبالشدة والبطش حيناً آخر ، حسبما تقتضيه الظروف ، وكان مكيافللي يرى أن على الحاكم الذكي المتبصر أن لا يحافظ على وعوده عندما يرى أن هذه المحافظة تؤدي إلى الإضرار بمصالحه ، وأن الأسباب التي حملته على إعطاء هذا الوعد لم تعد قائمة ، وكان كثيراً ما يمتدح الحكام الذين لا يتقيدون بالقواعد الأخلاقية في سبيل تحقيق ما يريدون (1) .
أما في الشريعة الإسلامية فأمر الوسائل مختلف عما عليه المذهب الميكافيللي ، فلقاعدة الفقهية الشرعية تقرر أن ( الغاية لا تبرر الوسيلة إلا بدليل ) : أي أن سلامة المقصد لا يعطي الوسيلة المحرمة شرعية وجوازًا ، إلا إذا دل الدليل على ذلك ، فلا يجوز للإنسان أن يحتج بشرعية الوسيلة المحرمة بمجرد سلامة مقصدها (2) .
فالقاعدة التي تقول (الغاية تبرر الوسيلة) غير صحيحة بإطلاق، بل لا بد لصحة العمل بها الالتزام بالشروط والضوابط المقررة (3) .
ـــــــــــــــــ
1 ـ ينظر : المصلحة في الشريعة الإسلامية والفكر الغربي، محمد الصايغ ، الجزائر، 2007م ، ص226 وما بعدها . ولمزيد من المعلومات يمكن مراجعة : قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية ، مصطفى بن كرامة الله مخدوم ، ص291 وما بعدها .
2 ـ ينظر : تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية ، وليد بن راشد السعيدان ، ج3 ، ص23 .
3 ـ ثمانية شروط تقريباً للعمل بفتح الذرائع ، تناولتها في بحثي المشترك ( سد الذرائع وفتحها وتطبيقاتها المعاصرة برؤية مقاصدية ) ، وهو قيد المراجعة .