بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربي ومولاي وكفى
والصلاة والسلام على الخليل المصطفى
الولد المدلل
الأبناء والمال من زينة الدنيا وجمال هذه الحياة
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]
فمحبة الأبناء ووجودهم عشق في النفوس أصيل.
ومن منا لا يرنو بصره إلى أن يكون له أبناء يجملون له الحياة؟
ومن منا لا يرجو أطفالا يملؤون فراغ أركان حياته البائسة؟
ومن لا يأمل ويولع بزَهَرات الدنيا ومُهَج النفوس وقرة العيون والأبصار؟!
لكن غمرة الفرح بالمولود تطغى على كثير من الآباء فتنسيهما مسؤولية التربية،
فتضيع مَهَمّة الأسرة الأولى التي وضعها الاسلام من إنشاء الأبناء على الهدي الأقوم،
تنسينا تلك الفرحة الغامرة التربية الجادة والمسؤولية، فكلنا راعٍ وكلٌ سيسأل عن رعيته.
وأكبر من يتجلى فيه إهمال التوجيه والتقويم حسب ملاحظتي لعديد من الأسر، هو المولود الأول.
حيث يحاط بعناية لكنها مبالغ فيها، ويلاقي اهتماما لكنه زائد عن القسطاس.
ونفس الأمر كذلك بالنسبة للمولود الأخير.
حيث يقدم على جميع إخوانه حتى فيما ينبغي أن يأخذ فيه رُتبته،
فيُقَدّم بداية بمشاعر الوالدين وانتهاءً بآخر امتياز مادي.
فالأول هو أول العنقود؛ وفاتحة شوقٍ غامرٍ للأبناء، قد يكون طال بالوالدين انتظاره.
والثاني هو آخر العنقود؛ وخاتمة إغلاق ذاك التشوق، فالتشبث به يكون شديدا.
وأريد أن أقول للآباء والأمهات:
أن أغلب هذه العواطف هي في نهايتها عواصف.
وأن هذا الحب الطاغي عن الحد.. الزائد عن المقدار العادل، هو في مآله وعاقبته هلاك على الأبناء.
فبغض النظر عما يؤدي له هذا الأمر غالبا من هضم حقوق الأبناء الآخرين؛ ففيه من الإساءة إلى ذلك الإبن الشيء الكثير،
وذلك من عدم الإهتمام بتربيته بالحزم المطلوب على جميل الأخلاق، وعدم غرس بذور الصفات الباطنية التي تنمو بداخله وتزكو به
لتجعل منه أهلا لأن يكون رجل الغد ومن بناة المستقبل؛ ولأن تكون فتاة المستقبل وركيزة بناء الغد.
لذا أختم فأقول
يجب أن نفرق بين الحب الفطري للمولود الجديد أو العشق والتعلق لآخر العنقود،
وبين الوعي بضرورة التربية ومسؤولية التوجيه،
فينبغي أن نضع كل شيء في مواضعه،
وذاك هو العدل وبه تستقيم الحياة،
حتى لا يكون غاية إنتاج سعي كل حياتنا.. ونهاية كد جهدنا وطموحنا وآمالها.. هو مجرد:
"ولد مدلل"
بقلم
عبد الرحيم صابر