في صبيحةٍ ساريةٍ إذ غسلها المطر , فأصبح أعمى قوي البصيرة يبصرُبنورالسماء مالايبصرون !
وأعمه ينظر بنورالأرض الباهت , فكلّ شيءحوله مجهول ..عَوْجَاءَخطواته .. ممزقة عزيمته ..
قد استكَّت مسامعُه فصير مُتَهدِّجًا متَكسِّرًا ..
فقدَ ملَكَة الإِدرَاك بِالحسِّ ، والقُدرَة علَى التَّميِيزِ بينَ أشكَال الأَشيَاء وَالأَشخاص وطبِيعتِها
وتحيَّر وترَدَّد في الطَّرِيقِ ولَم يَدرِ أَينَ يذهب ..لو علم الله فيه خيرًا لأسمعه ولو أسمعه لتولّى
ولوأراد الله به خيرًا لعرف ألوان الأنفس ودرجات العواطف وميزها لونًا من لون وفهم أطواء وأطوار القلوب وما ينبث منها ..
ولكن تجلت قدرة الخالق أن جعل الوجه قناع يختبئ خلفه قلب لايعلم كينونة الحقيقة إلاّ الخالق ربما يمتلئ نورًاماله من نفاد
يسري في عروقه ينضح بالصدق فإذا بالصدقِ سراجًا في لسانه يلونه من ألوان الحكمة وألوان كألوان الشّمس
فيضيء وجهه وتشرق ملامحه كنسيمٍ رائحته من ورقِ الزّهر يملأ ماحوله ابتسامًا وعبيرًا ..
وله روح صافية صادقة تترك الأثر صور ولون فيرشدك حسّك ماوراء أصل هذه الألوان المبهرة
وكأنما تهلّل على السّحاب وجهه فسحَّت السّماء أمطرها كأنه نضَّاحة عطر من السّماء بنور التّسبيح ..
في صمته الوقار فإذا بالوقار بُرْدَه يرتديها من غير كبر ولا خُيَلاء
قد طَأْطَأَت له الرؤوس إجلالاً وإكبارا وإذا بنفسه تكره أن تعظم , فكيف به إذاكان العظيم هومن ألقى تعظيمه ومحبته في قلوب النّاس .
وترى ثلة ما .. يجول في ظلمة رهيبة كأن سفّ من رمادٍ على صفحته ولون بقطع من اللّيل يحيط به
وربما من أنار الله بصيرته يشتم منه رائحة عَطِنَة فيدرك سر المكمن القبيح .
أما هو مازال العمه بمخالبه يقطعه مزعةً بعد مزعةٍ , تلوكه الدنيا فتراهُ مصفرًا ثم يكون حطمًا ..
تزدلف به لذاته إلى هلاكه ولا تنتهي نفسه المريضة المنهومة بعد أن صارت زعافًا!.
فتنقبض نفسه من نفسه من وهن الشّقاء لتفوح من تحت الأديم رائحة التّعاسة فإذا بأصل النّفس لون من ألوان العمه لاترَ روحه الشّوهاء
ومن أين له وقد تبعثرت حوله شياطين نفسه فانطلقت تنهش بمخالبها منه كل مهرب
تسلب شعور الفضيلة وتبعث بواعث الجنون ليطغى دخان الجنون على تاريخ عقله الثّمل فما عاد يدرك حتى في كونه ماضيًا أو مستقبلاً !.