|
كَطَائِرِ الرّخِّ فوقَ القلبِ قد وقفا |
شيخٌ دحا أضلعي واستوطنَ الكنفا |
تراهُ يجمعُ من صدري ملامحَهُ |
في صورةٍ أُلبستْ من سحنتي كِسَفَا |
عقدتُ في ظلِهِ المصلوب في كبدي |
عُرى الغرامِ فلم أنكثْ لها طَرَفا |
وكيفَ أنقضُ عهداً قد نذرتُ له |
قلباً تعّمدَ في نهرِ الهوى شَغَفَا؟ |
مازلتُ أذكر إذ جاءتْ معذبتي |
تجترُّ أدمُعُها من عينها الأسَفَا |
قالتْ وقد لفظتْ عمري بزفرتها |
يا توأم الروحِ إن البين قد أزفا |
مهلاً فداكِ الذي أرْسَى جوانحَهُ |
على أثافي الهوى حتّى اسْتَوتْ دَنَفا |
قلبي المسجّى على نيرانِ أضلعهِ |
ذابتْ جواءتهُ من لوعتي لَهَفا |
لاتتركي مهجتي الحرّى مضرجةً |
بشهقةٍ أطفأتْ جرحي بما نزفا |
أومتْ إليّ بطرفِ العين باكيةً |
وتمتمتْ بحروفٍ أُرهقتْ خَنَفا |
قالتْ أحبكَ رغمَ اليأس يا أملاً |
يبتزني نَفسَاً والصدرُ قد نُسِفَا |
حقاً عشقتكَ لكنّ الإله قضى |
أن نلبسَ العيشَ من بعدِ الهنا شظفا |
هُوَ الفراقُ إذاً؟ قالتْ تصبّرني |
كم من غريبيْن من بعد النوى ائتلفا؟ |
فاحفظْ عهودَ الهوى عن كلِّ والغةٍ |
مزّتْ مواجعنا فاستفرغتْ نغَفَا |
أمّا الوفاءُ فهذي خصلةٌ جُبلتْ |
من ماءِ وجهي الذي طرَّزْتُهُ شرفا |
سأحفظُ العهد عمري لن أضيعَهُ |
فلا تخافي على المُوصَى له جنفا |
قلبي نبيُ الهوى والصبر شِرْعَتهُ |
والدمعُ شيخٌ بعيني بات مُعْتكفا |
صلّى فروضَ النوى في ركنِ كعبتها |
والناسُ من حولهِ تستقبلُ النّجَفا! |
تَمتّعَ العاذلُ الباغي بحرقتهِ |
واجترَّ من لؤمِهِ ما جاوزَ الصَلَفا |
لكنّني لم أزلْ أرنو لطلعتها |
من مشرقِ الشمسِ حتّى تلبس اللُحُفَا |
في كلّ يومٍ تراني واجماً قلِقاً |
حتى أرى طيفها ينتابني خَرَفا |
سبعٌ مضتْ لم أذقْ فيها بُلَهْنِيَةً |
فما شكوتُ ولا اسْتَرْفَدتها خَلَفا |
حسبي من الفرحةِ الخرساء قاتلتي |
دمعُ الحنين الذي يستعمر الصُحُفا |
قد أقسم الشعرُ أن يُهديكِ من لغتي |
حرفاً توظأ بالإبداعِ فاختلفا |
فما كتبتُ لأهل الحبِ قافيةً |
إلا اتخذتُك ميزاني وإن وجفا |
ولي يراعٌ إذا لانتْ ترائبهُ |
أخرجتُ من صلبهِ مايُشبهُ النُّطَفا |
ترى الذوائقَ حبلى من محاسنه |
وكل قافيةٍ قد أنجبتْ شَرَفا |