الذئبتسلل شعاع شمس حارق إلى عينيّ طفلٌ يسكن بنايةً مهجورة،ويحلم بأنه يركل كرة؛فاستيقظ محمولا برغبة شديدة في البحث عن طعام.
شد بقايا ثيابه المهترئة واتجه إلى كوم قمامة ملئ ببقايا طعام أفرغتها عربة نظافة،فدفن رأسه فيه مشتماً بأنفه ما يسد به غليان أحشائه.
وهنيهات أحدّ الفضاء الواسع ببصره يبحث عن رفيق ،فلم يجد غير الفراغ الممتد بلانهاية .ترك ساقاه الرفيعتان تمضيان غير محددتين الهدف تدفعهما ريح عاصفة .
شد نظره لون بناية أصفر؛فتسلق سوره متفرجاً علي تلاميذ يتعاركون بفرحة كبيرة في فناء المبني،فزمّ شفتيه متجهماً .أختل توازنه فسقط من علي السور وأحس بألم شديد في ساقه .بيد أنه تابع سيره حتى لسعت قدماه العاريتان سخونة الأرض الشديدة،فتلوي ثعبانا يحترق مجاهدا للاحتماء بظلال شجرة.
ليلا ..أختلط بشوارع المدينة العريضة المكتظة بالمارين وبأضواء محلاتها اللامعة،ووقف قبالة واجهة زجاجية يحدق ملياً في تمثال يرتدي بذلة أطفال جديدة،فلمحة صاحب المحل ونهره وأشار له بالابتعاد.
تابع سيره ودلف إلى متجر كبير يبيع الحلوى ممنياً نفسه بطعمها؛فامتدت يده إلى إحداها،فأمسكه صاحب المتجر وطرده بعد أن أوجعه ضرباً على ظهره.
خرج باكياً يتسكع في الشوارع،فاستوقفته سيارة شرطة،وأمر الضابط جنوده باقتياده فحملوه إلي السيارة،واتجهوا به إلي القسم،وهناك سأله الضابط:
-أسمك وعنوانك؟
أمأ برأسه دون أن يجيب.
صفعه الضابط بقوة على وجهه،فاصطدم جسده النحيل بالجدار،وسأله ثانية:
- أنت لص..فماذا سرقت؟
اقتضب وجهه الصغير،وتحركت شفتاه دون أن يصدر عنها صوتاً.
فلطمه الضابط مرة أخري،فأسقط زوجاً من أسنانه،وسال دمه غزيراً.بكي بكاءً شديداً،فلم يهتم الضابط لبكائه،وواصل أسئلته وصفعاته ..ثم طرده مهددا إياه بالحبس لو قابله صدفةً.
هرع مسرعاً إلى مسكنه تتابعه نجوم بائسة،وغط في نومه،
وحلم بأنه ذئب يفترس صاحبي المحل والمتجر والضابط.