أمْسيْتِ سحْراً
شعر / ستار الذهب
يا نخلةََ الوادي رعَتْكِ الأكبُدُ=
فعلى ضفافِ هواكِ طابَ الموْرِدُ
أُمْسيْتِ سِحْراً يا عراجيناً على=
ميقاتِها صلّى الضياءُ العسْجَدُ
فتمشّطي مرآةُ بدرِكِ موْجةً=
رقَّتْ فخلْتُ زجاجَها لا يَصْمدُ
إنْ آلمَتْ أسيافُ لحْظِكِ عاشقاً=
أوّلْتِهِ شعْراً فعوفيَ مرْبدُ
يا نخلةَ الوادي كأنّا غيرُ مَنْ=
فُتِنوا فمَلّهُمُ القصيدُ المُجَهَدُ
فتأمّلي كيْفَ الدّواوينُ انْزوَتْ=
مرْفوفةً بترابِها تتجلَّدُ
هلْ بوْحُنا غيرَ الكلامِ وعشقُنا=
غيرُ الغرامِ فجلّ فيهِ المَقصَدُ؟
إمّا روَيْنا .. فالسّحائبُ رقَّبٌ=
وإذا بنيْنا فالشّواهقُ رُصَّدُ
وإذا برَقْنا فالملاحِمُ شُخّصٌ=
وإذا نطَقْنا فالبيانُ مُسهّدُ
يا نخلةَ الوادي خُلِقْنا كي نَرَى=
خفْقاً بأنفاسِ الذّرا يتصعَّدُ
لحْناً بِقيثارِ الخلودِ وَجيبُهُ=
وصدَاهُ في سمْعِ الدّنا يترَدّدُ
يا نخلةَ الوادي لشهدِكِ مُرْتقى=
عن كلِّ رُقْيا والعجائبُ تشْهدُ
إنّ العظائمَ دفقةٌ في خَلْقِنا=
وبكلّ ما ظلَّلتِهِ تتأكّدُ
بالأمس جرَّرَ نمْلُها جرْارَهُمْ=
وَلِطَمْرِهِ قد غابَ مَنْ يتعّهّدُ
مَنْ للمَسلاتِ انتمى إزميلُهُ=
فالشمْسُ في كفّيْه طوْعاً تسْجُدُ
أنا للبذارِِ وللبيادرِ هدْهدٌ=
منْ ظلّها يُدريكِ مَنْ يتصيّدُ
المُطفئين وكمْ أجرْتِ رمادَهم=
كي يُبصِرا فتنكّروا وَتمرّدوا
وتلَغدّوا عنْ هِمّةٍ لكنّها=
إمّا ارْتقتْ فترابَ نعلِكِ تنشُدُ
مِنْ قبلِ هولاكو، وكُورشَ قصّتي=
أممٌ بضوءِ حروفِها تسْترْشِدُ
يا نخلة الوادي لأنّكِ رُقيتي=
أبصرْتُ عن بُعْدٍ فلوّحَ لي غدُ
ولأنَّ لي ظلا يقومُ عَظائِماً=
ولأنهم ظلاً للاشيءٍ بَدوا :
أوقدْتُ في كهفِ الغروبِ مَطافِئاً=
وبشرقِها أطفأتُ ما لا يُوقدُ
فأنا الذي للنخلِ تُنسبُ قامتي=
أنا أوّلُ الدنيا وسِفري السّيّدُ
شيخُ الشيوخِ أنا وتاجُ مُلوكِها=
وعمامةٌ فوقَ العمائمِ تُعقدُ
وأنا الذي حقّاً تُقَبّلُ كفُّهُ=
لا طوْعَ فاقدةِ الكمالِ تُقيّدُ
هذا ثرايَ مثارُ كلّ فضيلةٍ=
ومَصالُ جُندٍ ما احْتواها مشْهدُ
إمّا تُغيرُ فما لسورٍِ مِنعةٌ=
والنورُ يدْرجُ حَيثما يعْدو ،عَدوا
هذي بلادُ اللهِ خلاها، لهُ=
سيْفاً على ما يُبْطلونَ يُجرَّدُ
ماذا تسمّيها إذا منها خَلا=
هذا المحيطُ الرافدُ المسترفَدُ
سيُجيبُ مَنْ نَحتوا الصدارةَ مُبتدا=
فعلى مَ ترْغي التالياتُ وتُزْبدُ
هو هكذا المعنى فماذا تفعل=
الأذنابُ بالأعرافِ هلْ تتبغْددُ؟