أحلامنا تتحقق
قصة من جزأين
الجزء الأول
استيقظت "هناء " على صوت أذان الفجر وهي تحس براحةً عجيبة. تساءلت: " كيف نمت كل هذا الوقت؟! " فقد صلت العشاء في أول وقتها ثم صلت ركعتي استخارة ونامت كما لم تنم منذ ما يزيد على الشهر.
بعد صلاة الفجر والأذكار تناولت هاتفها وأرسلت له رسالة :" بابا منتظر منك تليفون "
التقيا لأول مرة على متن الطائرة منذ سبع سنوات مسافرين إلى الإمارات العربية .. كانت تنظر من من نافذة الطائرة والدموع ملء عينيها ..ها هي تودع سبعاً وعشرين عاماً هي كل عمرها لم تغادر مصر فيها يوماً واحداً..وها هي تبدأ رحلة الغربة التي لا يعلم مداها إلا الله. انتبهت على صوته وهو يقول لها : " لو سمحت حضرتك ، هذا مكاني ." التفتت إليه و هي تمسح دموعها معتذرة وهمت بالقيام من المقعد المجاور للنافذة ليجلس هو ثم تعود هي لتجلس على المقعد المجاور.. وما إن راى وجهها حتى بادرها : " لو تحبين أن نتبادل المقاعد ، لا مشكلة لدي " نظرت إليه بامتنان شديد ثم عادت وجلست بجوار النافذة وهي تحاول أن تتذكر أين رأت هذا الوجه السمح من قبل! ولكنه فاجأها بجواب سؤالها:
" سبق أن التقينا الأسبوع الماضي بسفارة الإمارات"
-" أه نعم ، تذكرت .. أهلاً بك يا دكتور ......."
- " أشرف"
-" تشرفنا دكتور أشرف "
وتبادلا الابتسامة
أقلعت الطائرة وعيناها لم تتركا النافذة حتى أحست أنها أصبحت خارج حدود الوطن الحبيب.
اعتدلت في مقعدها لتدخل معه في حوارٍ تلقائي عن الوطن والأهل والغربة والعمل . كانا متشابهين في ظروفهما إلى حد التطابق. كلاهما الابن الأكبر في أسرتيهما .. كلاهما خرج رداً لجميل من أنفق عليهما حتى تخرجا في كلية الطب .. كلاهما يحمل ملامح الشخصية الريفية البسيطة النقية التي لم تبهرها حياة المدينة.. كلاهما متعاقد للعمل لدى وزارة الصحة بالإمارات والتي حجزت لهما هذين المقعدين بالطائرة
هبطت الطائرة بمطار دبي الدولي..هبطا سوياً من الطائرة.. أنهيا اجراءات الوصول سوياً.. خرجا من المطار سوياً ليجدا مندوب الوزارة بانتظارهما رافعاً ورقة كبيرة تحمل اسميهما..واصطحبهما المندوب سوياً إلى الفندق الذي سيقيمان فيه لحين الانتهاء من اجراءات التعيين.
وجوده معها في بلدٍ غريب عليها كان يمنحها الشعور بالأمان ..وازداد اطمئنانها عندما جاء توزيعهما للعمل في مشفىً واحد .. كانت تعده أخاً لها ولم يتطور شعورها تجاهه لأبعد من ذلك حيث أخبرها أنه مرتبط بابنة عمه الذي تولى أمره بعد وفاة والده ولم يبخل عليه بشيئ حتي أتم تعليمه ، وأقل ما يمكن أن يرد به الجميل هو أن يتزوج من ابنته والتي كانت لا تزال في المرحلة الثانوية في ذلك الوقت.
ومرت الأيام والأعوام .. وهما يعملان معاً، يسافران معاً ويعودان معاً.. هي تعتبره أخاها .. وهو يحبها ولا يقوي على الاعتراف بذلك بينه وبين نفسه ..
رسمت هناء صورةً مثالية لفتى أحلامها .. ولم تتخل عن ملمحٍ واحد من ملامح تلك الصورة .. رفضت الكثير من عروض الزواج .. ولم تمل من البحث عن فارسها .. لم تجد هي في أشرف كثيراً من مواصفات هذا الفارس.. لم يكن أشرف رومانسياً حالماً يجيد التعبير عن مشاعره بحلو الكلام .. وبالرغم من وسامته لم يكن أبداً يهتم بمظهره .. لم تكن له اهتمامات بغير عمله ... لم يكن يوماً ثورياً في أرائه وتصرفاته .. نعم كانت تعجبها نخوته واحترامه للآخرين .. ولكنها كانت تراه نمطياً إلى حد الملل أحياناً.. رغم احترامها الشديد له واعتزازها بصداقته..
.
.
.
.