إرث ووريث
*دويّ همسات القريبات والجارات .... يقطعه بين الفينة والفينة عويل أم ثكلى ....... صرخات أخت معوقة ...... بكاء طفل رضيع
ـ حادث أليم.... !!
ـ زوجته توفيت فور وصولها المشفى
ـ لا.... قالوا أنها أفاقت على آلام المخاض وتوفيت بعد أن رأت وليدها وقبّلته.
ـ قدره يولد يتيم الأبوين
الأم (بحرقه وألم ) : انتظرت حفيدي عشرون عاماً .. آه .. آه .. لو كنت أعلم أنني يوم أراه أكون قد فقدت أباه ... يا الله ليتني ما.........
* قريبتها تشد على يدها وهي تلقنها : إنا لله وإنا إليه راجعون .
ـ هل ترين أن زوجته الأولى ...... كأنها صنم ...
ـ حتى انها رفضت ارتداء السواد.
(صراخ الطفل الرضيع يكاد يصم الآذان)
*أسرعت متجاوزة بعضاً من درجات السلم المؤدي إلى حجرتها
حتى كادت تتعثر بثوبها الوردي الذي انتظرت به عودة الزوج الغائب
أقفلت الباب وبدأت بالصراخ
: لم أعد أحتمل همسات.. تعليقات .. تساؤلات
: وأنا لم أعد أحتمل أرجوك سيدتي أطلقيني دعيني أنزل
: لا وألف لا لن أضعف لن أستكين
: أو هى الحرب أم الحزن؟
: على ماذا وعلى من ؟
: حبيبك ورفيق دربك
: لقد خانني
: بل استأذنك
: هل كان بيدي أن أرفض ....لقد استحلفني بحبي له
: كفى عناداً سأنزل
: لا لا لايستحق
: صبر ... وانتظر...
: كنت له خير سكن
: وهو ملأه بالمودة والرحمة...... سيدتي أصبح الجو هنا لايطاق......
بدأ يزدحم بنا المكان....
: ماذا وجد عندها ولم يجده عندي
: لا شيئ سوى الخلف
: من غريبة ومن بلد غريب ؟
: حفاظاً على ماء وجهك
: هذا ماقاله هو
: ماكذب يوماً
: نعم ماكذب يوماً ومابخل يوماً وما غضب يوماً وما وما وما.... إنه حبيبي
: هل آن الأوان ....أن تطلقي لنا العنان
* خطوات والدته وبكاء الرضيع يرتفع ويقترب
الأم وهى تطرق الباب بعكازها الخشبي : أرجوك ياابنتي ماعدت أقوى
على حمله .
: لاأريد أن أراه
: ومن غيرك سيرعاه ...
: أنا !!!
: لم تكوني يوماً بهذه القسوة .......... (صوت العكاز يقع .... )
تسرع وتفتح الباب ظناً منها أن العجوز قد وقعت......... التي تقوم بدورها بدفع الطفل بين يدي كنتها وتهم بالنزول وهى تستجديها بنظراتها وكأنها تقول أنه قدرك ياابنتي
*ترددت كثيراً قبل أن تنظر إلى وجهه ..... وجه امتزجت به البراءة مع اليتم والصفاء مع الجوع .... عندها أحست أن ثمة مشاعر بدأت تسري في عروقها.... مشاعر لم تختبرها قبل اليوم ....... مشاعر لطالما انتظرتها وحلمت بها.........
: أهي الأمومة؟
: نعم هي الأمومة ..
وفي اللحظة التي انحنت فيها لتقبله.......هنا .... ودون استئذان.... غلبتها دموعها ولم تعد تستجديها ..... وتدافعت بغزارة على وجنتي الطفل
الذي بدأ يلثم خديها.........
: آه ماأشبهك بأبيك.... ماأشبهك بحبيبي.... أهلاً بك ياطفلي الغالي
أهلاً بك يا أغلى إرث وأجمل وريث.