كان الجو شتاءً ... في يناير ... حيث يشرب الليل نجومه ... ويضاجع القمر سحاباته السافرة ... يطرق طارق باب العذراء الدافئة في خدرها ... كان يلعق الدماء الصفراء ... يسيل الموت من أكمامه ... يدوس الصمتَ في النفوس ... فتتبخر روحه في ضوضاء الأرامل واليتامى ... يمسد رؤوس الفتيان بأصابعه الأخطبوطية ... يضعهم تحت إبطه ... يرسم على جباههم علامة الإزالة ... يجلس في آخر الزقاق ... يدخن في نشوى ... ويفقأ عين السلم ... ويحصي على عزرائيل الضحايا ... يقهقه بصورة غجرية ... يسرق البكارات الطرية ... يستل النقاء من الأظافر ... والكل يرقص على موسيقاه الخشنة ... يفتح فاه النهم ... يبتلع البيوت والبشر ... حتى المطر ... ويتقيؤها صراخاً مشتعلاً ...ينفض جلبابه من الغبار النقي ... ويقف وسط الميدان ... يلاطم الأرواح بالأرواح ... يمسك كأسه الأسود ... يدلق منه قطراته المرة ... فتنبُت حقداً في قلوب الأجنة ... يلتهم الخدود الغضة .. ويبصق الجنون في الوحوه ... يصفق له الكبار ... يدفعون له مزيداً من الدماء ... فيخمر ويزداد عطشه ... فيستاف الأيام في عجل ... فتتحول بين شفتيه إلى رماد ... فيخشى أن يتحول صوته إلى رماد ... فيرحل إلى عذراء أخرى ... حاملاً معه دموعاً وذكرى .