بيروت .. و غربتي و حنيني , و غيمتي الوفية السوداء , و حقيبة تعبت من الترحال .
ذاكرة تئن في جمجمتي , يردد البحر الحزين نغمتها , و تبكيها الرياح بلا نحيب .
بدمعة حبستها محاجري ... لتذرفها عيون القلب ملحا يمزق داخلي , ألما يسري في عروقي يبعثرني كنسمة شوق , خلف أغنية الغياب , بلا قرار ... ولا جواب .
طيف ياسمينة يغازل خاطري .. يطوقني بجيد جرحي , يحملني إلى بيتي القديم , يضعني بين قوسين من شوق , يجعلني علامة استفهام !!
هل سأعود يا وطني ? ... و تذكرني ? !!
و أنت يا فراشي .. هل ستظل تحضن دفئي ? , أم أن رائحتي تطايرت مع دخان الحرب , و اندثرت كمعالم الحب في مدينتنا ? !! .
آه يا قاسيون كم قسوت و كم أحبك ... آه ألف آه با بردى .. أنى لدمعك أن يجف , و أنت يا غوطتنا ... حتام يغزوك الضباب ? متى ستستعيد ورودك بهجتها ? ... و يعود إلى ربوعك الأهل و الأحباب .
تغرب الشمس منكسرة كقلبي , تودعنا معاتبة , و تخشى أن تعود , تغادر بحثا عن سكينة ضوء حائر و شريد , تطارده تلال الظلم , و تحجبه سحائب القسوة .
كئيبة أيامنا تنعي محبتنا للنور و الأحلام ... خذلناك يا حب .. حبسناك داخل زهرة قطفناها , و بين سطور قصيدة جوفاء ضيعناك , كسرتنا هزيمتنا أمام أنفسنا ... خدعتنا المرايا ... فشوهناك
الحرص أعمانا.. الصدق جافانا .. الطهر غادرنا و خاصمنا النقاء .
قتلنا آخر بسمة للنور و اخترنا كهوف الذات .. غرقنا في رمال الوهم , لهثنا وراء سراب , اختبأنا خلف أقنعة تواري سوأة مكرنا , و نسينا بأن كل ما فوق التراب ... تراب !! .