ياسر عرفات .. اللغز المحبب
محمد عبد المجيد الصاوي
( المقال نشر في الذكرى الثامنة لرحيله )
يعتقد الكثيرون أن الكتابة عنه ؛ دخول في حقل الألغام
لكنني أراها نقش فوق الغمام
أحببته عندما كنت طفلا .. كأي فلسطيني كان يراه أسطورة
وما زلت أذكر يوم استشهاده عندما أعلمت والدي رحمه الله بالخبر
فقال : لا خير في العيش بعده !
_ حيث كان والدي يعاني مرحلة متقدمة من مرض القلب _
فعاش بعد وفاة عرفات واحدا وعشرين يوما .. ثم صعدت روح والدي لبارئها .
قد يقول البعض : لمَ لا تضع عرفات في الميزان ؟
كما هي عادتك في الكتابة عن الشخصيات والهيئات ..
وقد يدور في خلد البعض أنني أكتب اليوم بسب ما عزمت سلطة رام الله القيام به :
من استخراج جثة الختيار ومن ثم إجراء الفحوصات عليها للتأكد من تسممه رحمه الله
لن أجري مقارنة بين الفترة التي كان فيها عرفات رئيسا وبين ما نعيشه اليوم ..
لأن لكل زمن دولة ورجال !!
ولن أستعرض تاريخ جهاده وتضحياته ، فجميعنا يدرك تفاصيل ذلك .
ولن أقف أما محطات حياته ، التي شكلت جزءا عريضا من تاريخنا الفلسطيني .
ولن أكون جلادا أكيل السياط لأخطائه وكبواته ..
سأكتب اليوم لا عشقا ، أو هياما .
بل بحياديتي ..
وأنا الذي لم ينتمِ لحركة فتح ، ولم يكن أحد مناصيرها يوما ما .
بل هي حيادية تفرضها فلسطينيتي .
**********
بعد مرور ثماني سنوات على رحيل أحد رموز شعبنا
أقف بين يديك سيدي أسائلك :
تراك هل خلعت عنك بندقيتك واستبدلتها بغصن زيتون ؟
أم حملت غصن الزيتون بعد أن باتت البندقية لا سبيل لها !
وعندما شاءت قدرة من اصطفاك شهيدا .. أن يعود للبندقية دورها وأن تزغرد في سمائنا من جديد ، مع بدء انتفاضة الأقصى ..
عدت يا سيدي تحتضن بندقيتك الأولى .. فآزرت المجاهدين والمقاومين ، وقد وطأت غصن الزيتون الزائف تحت قدميك؟
سيدي مشيت طريق المفاوضات .. وقدمت التنازلات !!
وأنت تسير في طريق التسوية قدما !
فهل تراك سيدي تنازلت عن حقنا في العودة ؟
هل قدمت القدس والأقصى على طبق من ذهب لبني يهود ؟
هل بعت حلم شعبنا بأن يعود يوما لموطن الخلد الذي لن يبلى ؟
يشهد التاريخ سيدي أنك أبيت إلا أن تلحق في ركب من سبقوك القسام والحسيني ..والوزير وخلف ..وياسين وأبو مصطفى
ولم تفرط .. ولم توقع على بيع حقوقنا الكبرى وثوابتنا العظمى ..
فحوصرت ، واشتد الحصار عليك ..
كأني معك هناك .. تستعيد أمجاد نضالاتك الأولى. .. في الكرامة وبيروت
حينها .. عمل بني يهود على تغييبك !
لتبدأ فصول المؤامرة .. التي ندرك جميعا .. ودون أن ينبش قبرك ؛ من لعب دور البطولة في تنفيذ الجريمة ضدك يا سيدي
سيدي الختيار .. رحلت ومعك كل الخيوط التي تشابكت ..
رحلت ومعك أسرار كبرى بعد لم نطلع عليها ..
رحلت ومعك رحل السلام الداخلي الفلسطيني ..
فسلام عليك يا سيدي
في الخالدين