|
يا أيها العمريُّ إني مبحرة |
بشراعِ حرفٍ صاغ شعركَ أبحرَه |
ويعبُّ سمعي من سلافته التي |
تُغري العذوبة بالدِّنانِ المُسْكِرة |
وأتيه في دوح الوفاء وحسنه |
ويهيمُ وجدي في الجِنانِ الموسرة |
وتُطلُّ من شُرُفاتِ عيني قصةٌ |
لمشاعر القلبِ الجريح المُسجرة |
إنِّي لأُدهشُ من براعةِ شاعرٍ |
حاك القصائدَ من لآلئ مبهرة |
إني لأُدهشُ من قناديل النُّهى |
في شعر من حضَنَ الضليلَ ووقره |
يا صادق الإحساسِ حبرُكَ عسْجَدٌ |
يملي على لوح الحياة تصوُّرَه |
يا طائر الأشجان يا عبق الشذى |
لجمال حرفك منظرٌ ما أسحره! |
يا صائد الحِكَمِ الجليلةِ قل لنا |
من أنتَ إلا أن تكون المفخرة |
أرويتني ماءَ المحاسنِ جُلَّها |
وأريتني كنزَ الحياة المثمرة |
ألبستني تاج المهابة ِ عزَّةً |
فخطى حروفي لم تعد متعثرة |
نظرت إلى أبياتِها مزهوَّةً |
وعلَتْ على عرشِ النجومِ المُزهرة |
سبحان من خلق القلوب نقيّةً |
تُزجي الضمير إلى الهوى أن يُسفره |
فتعل نفسٌ من مزامير الجوى |
ويضل قلبٌ في الليالي المقمرة |
خَفْقُ الجَنانِ وإن ترفَّقَ لطمةٌ |
شَدوُ الهيامِ وإن ترقرقَ زمجرة |
لم آمن الدنيا فقمت أردها |
من بعد أن جعلت طموحي أبخرة |
إني البقايا من رمادٍ خامدٍ |
حفرتْ له الأيامُ أوحش مقبرة |
إني البقايا من شظايا موطن |
عصفت به حربٌ ضروسٌ مُجْمرة |
إني أنا من أمةٍ مكلومةٍ |
كانت قديمًا في البطولةِ عنترة |
كانت مآثرها تسابق خطوها |
وتصافحُ الدنيا فتوحًا نيِّرة |
حفظتْ بنصر الحق ذمّةَ مسلمٍ |
كي يعصم الباغي الفساد ويزجره |
فتحقق العدلُ الأكيدُ وأثمرت |
نخل المعالي عزَّةً متحضرة |
وافترَّ ثغرُ الشمس يبثثُ شوقه |
ليُقبِّل الكون الجميل ويغمره |
واليوم يصفعنا الحقير فنحتفي |
باللطم من عجز ونصبح مسخرة |
ويسومنا أهل الفساد مذلة |
أوهت كرامتنا فلم تكُ مُنكرة |
ما بالنا؟ ما عُسْرَةٌ حاقت بنا |
إلاَّ وكنا أمَّةً متقهقرة |
ذُلاًّ توارثنا وهمًّا قاتلاً |
ومشاعر العرب الكرام مخدَّرة |
عذرًا رسول الله لو أبصرتنا |
لرأيتَ أنَّا أمَّةً مستهترة |
هُنَّا لأحداثِ الزمانِ فأوهنت |
روحًا من الآلام شبَّت مُنذِرة |
هذي دماء المسلمين تفرقت |
بين القبائل في البلاد محذِّرة |
فإلام نحتمل السنين فواجعًا |
جعلت من التاريخ أرضًا مقفرة |
ملَّ الفؤادُ من العناءِ وملَّني |
حرفي فقامت ثورةٌ مستنفرة |
أقسمت بالله العظيم جلاِلهِ |
أنْ أفديَ القلَم العتيدَ ومنبره |
يا عازف الآمالِ دمعيَ واعدٌ |
لم يترك الفسق الخبيث يُعفِّره |
مالي أراه اليوم يجثو خائرًا |
في الخدِّ يبغي هدنةً متكررة |
يا ترجمان العصر فكرك راشدٌ |
شكرتْ سجاياه القصورُ وأزهره |
أحييتَ بالإحسان همَّة أمةٍ |
تشكو الهوان وتستبيحُ الثرثرة |
وحرثتَ بالإنسان أرضَ محبةٍ |
تهفو لريَّاها الغيومُ الممطرة ؟ |
وغدوتَ بالأخلاقِ مضْرَب أمْثُلٍ |
يتلمَّظون بذكر روحٍ خيِّرة |
يا أيها العمريُّ حُلْمكَ أبيضٌ |
والكونُ أحرى في العلا أن يذكره |