عـــواطف
استفحلت علامــــــــــات الاستفهام في رأسي ؟ فتقدمت بضع خطوات ، ونظرت إليها بإمعان فلعلي
استوضح إن كانت هى أم غيرهـــــــــــــــــــــ ــــــــــــا ؟
دنــوت اكثر ، فرأيت خصلة شعر هــربت مـن تحت قبعتها قــد اختلطت بالبياض ، فعجبت من فعل
السنين ! ونظرتُ للماضي بعمق فشعرت بحنين جارف ، لا أدرى إن كان ضل أم صدق ؟ ما اعجب
السنين الخوالي ! التى بلغت عشرا وازدادوا خمسا ، تلكــــــــ السنين التى عقدت فؤادي في سرة
محكمة الوثاق ، وحجبت عنه زينة الحياة الدنيا ، وحجبت عنه عـــواطف النساء وزهو النساء من
بعد فراقك ياغاليتي ، ومــــــــا أعجب هذه الحقبة ! تلك التي حرفت معالم الجمال ووضعت العينين
النجلاوين مابين أخاديد قـد بدأت بالزحف ! ووضعت القــوام السمهري داخل كيس طرى من اللحم
والشحم ، ولكن يا ترى هل هى ( عواطف ) ؟
تحركتُ خلفها ، وكــأني التحمت في ظلها المنبسط أرضــا ؛ كنت حالما لبضع دقائق في دفء جميل
مـابين الشك واليقين .. مـالبثتْ أن وقفتْ عــلى رأس محل لتشترى بضاعــــة ، وتقدمت لأتحجج
بالشراء .. نظرت في ملامحها مرة أخرى فلعلي استرشد سحنتها بالعلامات ؟ لا بغريـــــزة العشق
التى تحيرت !
تأزمت نفسي ، وتقهقر الدفء عني فجأة ، ليحل محله برد واضطراب ، حينما رأيتها لاتعبــــأ بي ،
ولاتقر لى بوصال ولا عاطفة .. عدت كسير الخاطــر ، مستلهما ذكرانــا من لب الماضي السحيق ،
اتفقدها منظرا تلو منظر ، وكأني أشاهد سيرتنا الجميلة عبر شريط دار الخيالة .
نادتني بصوت رخيم ، وحينها فقط سقطت علامات الاستفهام ، والتقينا بقارعــــة الطريق ، وكنت
منبسط الأساريـر ، راجف الأطراف ، خافق القلب واجف ، محمر الوجه ، معقود اللسان .. وحينئذ
رأيتها كتلة من الحياء تجسدت في هيكل امرأة ، كعروس في خدرهـــــــا !! عيناها تخفيان الماضي
بأسره ، وتبديان التلهف والحنين . مددت يدي ، توالجت أصابعها بين أصابعي ومضينــــا قاصدين
أولادنا الحيارى .
عبدالله عيسى