|
وَدِّعْ وَدَعْ فَدُمُوعُ النَّدْبِ وَالجَزَعِ |
تَأْتِي المُلَوَّعَ بِالإغْرَاقِ فِي الوَجَعِ |
وَالفَقْدُ فَاجِعَةٌ مَا ذَاقَهَا كَبِدٌ |
إِلَا وَشَقَّ جُيُوبَ الصَّبْرِ مِن فَزَعِ |
وَإِنَّهُ الكَرْبُ أَدْرِي وَالأَسَى قَدَرٌ |
وَالحَقُّ شَاءَ وَمَا مَاضٍ بِمُرْتَجَعِ |
لَوْ كَانَ نَزْفُ عُيُونِ القَلْبِ يُرْجِعُهُ |
كُنَّا لِمَلءِ بُحُورٍ مِنْهُ فِي هَزَعِ |
لَكِنَّهَا وَقْعَةُ الأَقْدَارِ مَا وَقَعَتْ |
إِلا بِحُكْمِ إِلهٍ إِنْ قَضَى تُطِعِ |
وَالخِلُّ سِيقَ إِلى الرَّحْمَنِ فِي زُمَرِ |
مُدَّ السّبِيلُ لَهَا مَهْدًا مِنَ اللُمَعِ |
فِي عَشْرَةٍ كُلُّهَا لِلرّاحِلِينَ رِضَى |
بِغَيْمَةِ العِتْقِ فِي شَهْرِ الصِّيَامِ دُعِي |
فَاخْتَارَ مِنْ وَعَثَاءِ العَيشِ رَاحَتَهُ |
وَسَارَ للهِ خَطْوَ الخَاشِعِ الوَرِعِ |
مُخَلِّفًا فِي لَظَى الدُّنْيَا نَوَائِبَهَا |
وَعَالَمًا مِنْ يَبَاسِ الغَدْرِ وَالخُدَعِ |
مَا عَاشَ فِيهِ بِطُولِ العُمْرِ مِن سَعَةٍ |
وَلا دَرَى بِفُنُونِ اللَهْوِ وَالمُتَعِ |
وَلا اطْمَأَنَّ بِغَيرِ اللهِ يَذْكُرُهُ |
وَيَرْتَجِيهِ بِجَوْفِ اللَيْلِ فِي خَضَعِ |
فَشِرْبُهُ آيُ رَبِّي وَالطَّعَامُ رِضَى |
يِفِيضُ نُورًا بِوَجْهِ الطَّاهِرِ القَنِعِ |
شَيْخٌ مَنَاقِبُهُ الأَخْيَارُ تَذْكُرُهَا |
وَنَفْحَةُ الخَيْرِ بَينَ النَّاسِ لَمْ تَضِعِ |
مَضَى وَوَدَّعَ أَيَّامًا عَزَائِمُهَا |
لَمْ تُبْقِ فِي القَوْمِ قَلْبًا غَيْرَ مُنْصَدِعِ |
وَقَرَّ عَيْنًا بِما شَاءَ المَلِيكُ لَهُ |
مَا فِي الحَيَاةِ وِرَبِّ النَاسِ مِنْ نَفَعِ |
للهِ مَا فِي صُدُورِ الخَلْقِ مِن حُرَقٍ |
وَمَا بِهَا يَا سَلِيلَ الطُّهرِ مِن نَزَعِ |
بِأُمَّةٍ لَمْ يَعُدْ فِي أَرْضِهَا أَمَلٌ |
بِأَنْ تَفِيقَ وَأَنْ تَسْمُو عَنِ الخُدَعِ |
مَعَاوِلُ القَتْلِ فِي عَزْمٍ تُطِيحُ بِهَا |
وَالقَوْمُ مِنْ هَلَعٍ يَمْضُونَ فِي هَلَعِ |
كَفٌّ تُقِيمُ صُرُوحَ العِزِّ فِي جَلَدٍ |
وَأَلْفُ أَلْفِ يَدٍ فِي الدَّكِّ، لَمْ تُزَعِ |
وَأَلْفُ أَلْفِ قَتِيلٍ، أَلْفُ مَجْزَرَةٍ |
وَأَلْفُ طَائِفَةٍ مِنْ مُدَّعٍ وَدَعِي |
مَنِ الجَهُولُ؟ وَمَنْ بِالِمْسِك تَغْسِلُهُ |
مِلائِكُ الرَّبِّ؟ مَنْ فِي الوِزْرِ لَمْ يَقَعِ؟ |
وَمَنْ بِرَحْمَتِهِ رَبِي تَغَمَّدَهُ؟ |
وَمَنْ لِنِقْمَتِهِ سَاقُوهُ مِنْ قَزَعِ؟ |
وَيْلٌ لِمَنْ لَمْ يَزَلْ فِي الغِّيِّ مُنْتَفِشًا |
وَالنّارُ تَأْكُلُ أَهْلَ الغّيِّ وَالبِدَعِ |
وَاللهُ قَدّرَهَا دُنْيا عَلَى كَدَرٍ |
نَعِيشُهَا بَيْنَ مَوْصُولٍ وَمُنْقَطِعِ |
فَوَدِّعِ الرّاحِلَ الغَالِي بِمَا دَرَجَتْ |
عَلَيْهِ سُنَّةُ خَيْرِ الخَلْقِ وَانْتَفِعِ |
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاقْنُتْ وَاصْطَبِرْ وَأَقِمْ |
شَعَائِرَ الشُّكْرِ قُمْ وَالنَّادِبِينَ زَعِ |
لَمْ يَطْوِ فَخْرُ كِتَابِ الدَّهْرِ صَفَحَتَهُ |
وَلَا أَرَى جَذْرَهُ السَّامِي بِمُنْخَلِعِ |
وَمَنْ لَهُ خَلَفٌ مِنْ مِثْلِكُمْ عَلَمٌ |
فَذِكْرُهُ فِي البَرَايَا غَيْرُ مُنْقَطِعِ |