هب من النوم مفزوعا على صوت هاتفه النقال ملقيا نظرة على رقم المتصل فوجده رقما غريبا ,سأل نفسه بسخرية ترى أي غريبِ أطوارٍ يتصل بي في هذا الوقت المتأخر, مسح على شعره ببطء وهو يضغط على زر ( صامت ) , أخذ نفسا عميقا وهو يضع الهاتف بكل ثقة على المكتب الصغير بجواره و في عينيه نظرة الانتقام من هذا المتصل المجهول, ألقى جسده كما كان على سريره الوثير وأغمض عينيه في هدوء عميق, كاد يأخذه النعاس إلى رحلته المفضلة في عالم الأحلام لولا تكرر الاتصال مرة بعد مرة فهب غاضبا متوعدا لتلقين هذا المجهول درسا في احترام التوقيت .
نهض من على سريره تاركا غرفة النوم وهو يضغط بكل ضيق على زر ( رد ) , رفع الهاتف إلى أذنه قائلا في غضب ( ألو يا .. ) لم يكمل كلمة حمار حينما وصل إلى مسامعه هذا الصوت الرقيق الباكي يقول ( ألو , إزيك يا أحمد , أنا آسفة جدا على الإتصال في الوقت المتأخر دا , بس اعذرني ملقتش وقت أنسب من كده ) خر صريع الدهشة لبضع لحظات تحولت فيهم ملامحه من الضيق والغضب إلى الذهول والتعجب , أخذ نفسََََه في حيرة وهو يجيب في تمتمة ( أهلا وسهلا .. , مين معايا ؟) غاص في بحر من التساؤلات حينما جاء الرد غير متوقعا ( إنتَ معرفتش صوتي ) وهو يقول في حيرة من هذه المجهولة وكيف تعرف اسمي ولما تتصل بي في مثل هذا الوقت , كاد يقول لها لا لولا أنه تذكر آخر احتمال , أحس بغصة شديدة وهو يهوى إلى أعماق تلك السنين والذكريات الحزينة مجيبا ( نشوى ) !! , رد عليه الصوت الحزين في ارتياح وكأنها تمسح الدموع من على وجنتيها ( كنت متأكدة انك هتعرف صوتي ) , أحس أحمد بمرارة في حلقة وكأن دموعها جاءت تختبئ عبره إلى عينيه ولولا بعض القوة لهوت كالأمطار تطفأ حرقة قلبه عليها في تلك السنين الماضية . أجابها و الحزن يجري مجرى دمه ( نشوى , مالك , انتي ازاي بعد السنين دي كلها افتكرتيني وجبتي نمرتي منين ؟)
أجابت نشوى وفي نبرة صوتها يزداد الارتياح كأنها تستلقي على سريرها ( مش مهم يا أحمد , أنا في مشكلة وانت الإنسان الوحيد اللــ ممكن يخرجني منها ) , كسا وجه أحمد الحزين الغموض و الترقب وأجاب في عجل ( مشكلة ايه ؟) .
أخذت نشوى تحكي له عن حبها له خلال تلك الأربع سنوات الماضية رغم انفصالهما بعد فسخها خطوبته لها و عن كم العرسان الذين رفضتهم مبررة له السبب بالحب الذي جمعهم في أسعد لحظاتهما خلال سنتي الخطوبة و ما قبلها و أخذت تشرح له لماذا نأت عنه حينما اختلفا على شقتهما الزوجية –التي أرادت أن تناسب وضعها الاجتماعي من رقة وجمال وما إلى ذلك - وأنها معذورة في قرار الفسخ لأنه جاء بعد إصرار والدتها على تغيير الشقة .
أخذت تحكي وتحكي و أحمد يستمع ويستمع وقليلا ما كان يطرح سؤالا وفي قلبه تتساقط دموع الأسئلة التي كادت تقضي عليه إثر فسخ الخطوبة من نشوى والعجيب أنه ارتسم على ملامحه كل لحظات تعاسته وتحدثت عن مدى عمق حبه لها و عن كل محاولاته الفاشلة في أن تعود له إلى أن أخبرته أنه سيتم تزويجها قهرا إلى رجل يبلغ الثالثة و الأربعين من عمره لما يمتلك من أموال وعقارات وما إلى ذلك من ألوان الغنى الفاحش .
عادت نشوى إلى البكاء مرة أخرى وهي تردد على مسامع أحمد أنها لا يمكن أن تتزوج إلى هذا الرجل مهما كلفها الأمر وأنها على استعداد للهرب من منزلها وطلبت من أن يضمها إلى صدره من جديد ولو في زوايا – عشة - !
تردد أحمد قليلا , ثم بدأت صرامته تلمع بين عينيه من جديد وقال في رقة ( نشوى بعد إذنك ممكن تفهميني كويس ) , كان ينتظر أن تقول له نشوى تفضل لكن جاء الرد صوت إنذار من هاتفه , نظر إليه في استنكار فوجده كجثة هامدة بلا شحن .
تأمل أحمد المكان من حوله ثم انتبه إلى تمدده على تلك الأريكة من تحته , قام في هدوء و الفجر يأذن معلنا عن بدء نهار جديد ليصليه في خشوع كما عادته .
فتح أحمد باب الغرفة المجاورة للغرفة التي خرج منها وأنار الضوء الخافت لأحد مصابيحها وتأمل ذلك الطفل الغارق في نومه ثم قبله على شدقه وانصرف لغرفة نومه , نظر إلى تلك الفتاة السابحة في عالم الأحلام على سريره بحنان الأب و وفاء الصديق و غرام الحبيب ثم قبلها هي الأخرى و إلى جانبها كان حضنه لها بدفء ليالي الصيف و في خفقان قلبه تتردد على مسامعه كلمتان .
هذه أول محاولة لي بكتابة قصة قصيرة ,
كتبتها في عجل ولم أدقق في مراجعتها فأعتقدها مليئة بالأخطاء الفنية واللغوية والنحوية
أفيدونا أيها النقاد !