|
دَعِينِي أَسْتَرِدُّكِ مِنْ سُكُونِ |
وَأَمْسَحُ عَنْكِ آلامَ السِّنِينِ |
دَعِينِي أَسْتَقِي عَيْنَيكِ صَمْتًا |
وَأَرْوِي الْدَّوْحَ بَوْحَ اليَاسَمِينِ |
دَعِينِي يَا حَبِيبَةُ إِنَّ قَلْبِي |
حَمِيمُ الوُدِّ مَحْمُومُ الشُّجُونِ |
سَقَاهُ الدَّهْرُ مِنْ شَهْدٍ وَصَابٍ |
فَمَا عَقَرَ المَوَدَّةَ لِلـخَدِينِ |
وَطَافَ بِهِ الْجَمَالُ يَتُوقُ حَجًّا |
فَمَا لَبَّى لِغَيْرِكِ بِالْحَنِينِ |
تَوَضَّأَ بِالمَحَبَّةِ مِنْكِ نَهْرًا |
طَهُورَ النَّبْعِ فيَّاضَ الْمَعِينِ |
وَنَاغَى الرُّوحَ طَيفُكِ فِي دَلالٍ |
كَتَغْرِيدِ البَلابِلِ فِي الغُصُونِ |
بِشِعْرٍ مِنْ رَحِيقِ الشَّوْقِ أَشْهَى |
وَنَثْرٍ سَحَّ مِنْ شَهْدٍ هَتُونِ |
وَزَادَ تَعَلُّقي بِكِ صِدْقُ عَزْمٍ |
وَعِزَّةُ جَانِبٍ فِي بَعْضِ لِينِ |
وَقَلْبٌ فَالِقُ الإِحِسَاسِ يَسْمُو |
إِلَى الدَّرَجاتِ في الشَّرَفِ المَصُونِ |
تَبَسَّمَ بِالوَفَاءِ فَكَانَ صَفْوًا |
وَأَشْرَقَ وُدُّهُ فِي كُلِّ حِينِ |
يَحثُّ خُطَى الفُؤَادِ إِلَى شَغَافٍ |
بِهِا آوي إِلَى رُكْنِ مَكِينِ |
أَنَا يَعْقُوبُ فَقْدِكِ بِتُّ أَهْذِي |
فَأَيْنَ قَمِيصُ وَصْلِكِ عَنْ جُنُونِي |
تَسَوَّرَتِ المُدَى مِحْرَابَ سَجْوِي |
وَكُنْتُ عَلَى شَفَا حَرَضٍ فَكُونِي |
تَكَادُ مَشَاعِرِي مِنْ خَلْفِ هَدْئِي |
تُلَوِّحُ بِاليَسَارِ وَبِاليَمِينِ |
تُنَازِعُنِي الفِرَارَ إِلَيكِ مِنِّي |
فَأَنْصُرُنِي وَتَهْزِمُنِي حُصُونِي |
أَكَابِرُ لا الوَقَارُ يَذُودُ عَنِّي |
وَلا سِنَةٌ مِنَ النَّجْوَى تَقِينِي |
وَأَنْتِ عَلَى الرُّؤَى يسْلِيكِ رَيْبٌ |
وَتُسْلِمُكِ الظُّنُونُ إِلَى الظُّنُونِ |
تَغلُّ هَوَاكِ أَرْوِقَةُ المَرَايَا |
وَتُوغِلُ فِيَّ مِطْرَقَةُ المَنُونِ |
وَيَنْضَحُ دَلْوُ ظَنِّكِ مِنْ عَذُولٍ |
وَيَنْضَحُ ظَنُّ دَلْوِي مِنْ يَقِينِ |
أَنُوءُ بوِزْرِ مَنْ جَرَّبْتِ قَبْلِي |
وَأَحْمِلُ زَوْرَةَ الزَّمَنِ الخَؤُونِ |
يُبَجَّلُ فِي العُلا مَنْ كَانَ مِثْلِي |
وَيَنْحَلُ بِالْمُنَى مَنْ كَانَ دُونِي |
وَمِنْ زَيْتِي سِرَاجُ البِّرِّ يَزْكُو |
وَمِنْ ثقتي وَمِنْ خُلُقِي وَدِينِي |
وَإِنِّي الطَارِقُ المُنْبَثُّ فَجْرًا |
وَبَارِقُ غَيمَتِي سُقْيَا الأَمِينِ |
فَضُمِّي يا حَبِيبَةُ قَلْبَ صَبٍّ |
وَقُورَ الطَّبْعِ مَكْبُوتَ الأَنِينِ |
غَدَوْتِ لَهُ الطُّمُوحَ إِلَى المَعَالِي |
يُرَاوِدُ رِئْمَ قَلْبِكِ لِلعَرِينِ |
وَقَدْ أَغْلَى هَوَاكِ فَصِرْتِ تَاجًا |
نَفِيسَ القَدْرِ مَفْخَرَةَ الْجَبِينِ |
بِشَوْقِ الكَوْنِ قَدْ مَخَرَتْ قِلاعِي |
وَفِي دُنْيَاكِ أَرْسَتْ بِالسَّفِينِ |
عَلَى شَفَتَيْكِ قَدْ ذَابَتْ حُرُوفِي |
وَفِي عَيْنَيْكِ قَدْ غَابَتْ عُيُونِي |
وَهَامَ بِعِطْركِ الوُجْدَانُ حَتَّى |
أَسَرْتِ فُؤَادَ مَنْبَهِرٍ رَزِينِ |
وَلَوْلا حِرْصُ مُحْتَشِمٍ لَصَارَتْ |
دُمُوعًا فِي الشَّغَافِ وَفِي الجُفُونِ |
تَعِبْتُ مِنَ الأَنِينِ لِطُولِ حُزْنِي |
فَأَيْنَ رُؤَى السُّرُورِ مِنَ الْحَزِينِ |
وَكُنَّا وَالفِرَاقَ رِفَاقَ دَرْبٍ |
وَقَدْ أَزِفَ اللِقَاءُ فَقَرِّبِينِي |