رُسِمَ الجمود على فم الضحكاتِ
وأديرتِ الأيام بالعبراتِ
وطغتْ سنين الكره للشعرِ الذي
صاغ الزمان بسالف الحيواتِ
لا تشتكي الزمن الكريه فإنني
ألقيت في زمن الجمود شُكاتي
وأخذت أنتظر الجواب لعلني
ألقى بعصر الجاهلين أساتي
حتى كرهت الصبر والعصر الذي
أُهْدتْ إليه مواهبي وحياتي
فلقد سطعت على الوجود يزفني
الراقصون الصائحون نعاتي
فأنا ثمارٌ قد أتيحت بعدما
ذهب الزمان بجيد الثمراتِ
واستملح الناسُ القبيح وأهملوا
حلو الثمار بدائع الجناتِ
فأنا فريدٌ في الحياةِ مميزٌ
وأنا الضياءُ بموطن الظلماتِ
قد ضقتُ ذرعا بالحياة وظلمها
وتخلصتْ من زيفها أبياتي
فغدوتُ أهجو ذا الزمان وأزدري
جهلا يضوع بسائر الطرقاتِ
فغدوت مقهورا ومنبوذا هنا
متعثر الأفكار والخطواتِ
الناس لا تشتاق طبا نافعا
الناس تهوى سكرة الأمواتِ
فقضيت عمري في الحياة مسافرا
أستوطن الآبار في الفلواتِ
لا أرتجي بعد الفيافي جدولا
أُهدى إليه وتستكين حياتي
حتى وجدت الشعر أعظم منبعٍ
للعشق والإحساس واللذاتِ
ورأيت جيش الشعر يغزو مفرقي
بروائع الأفكار والآياتِ
فغدوت في دنيا الشعور متوجا
فالطرس تاجي واليراع فتاتي
ورأيت عقلي يستحيل منارة
ويشع فكرا للزمان الآتي
يا سيدي إن الشعور حديقةٌ
مزدانةٌ ملغموةُ الجنباتِ
نمضي بها رغما فنجني شوكها
ونضيع بين الوجد والآهاتِ
أما الثمارُ فلا ثمارَ وإنما
وهمٌ يحمانا لظى الجمراتِ
لكنني أقسمتُ أني مقدمٌ
لن أستريح ولن تلين قناتي
فرسي مسرجةٌ وسيفي مشهرٌ
والسحر كل السحر في كلماتي
أقسمت أن أحيي القصيد مجددا
من بعد طول تناومٍ ومماتِ
سني يؤهلني وموهبتي لكى
ألج الحروب وأعلن الغزواتِ
وقصائدي ستظل دوما كالردى
جرحا على وجه الزمان العاتي
تدمي كلاما والخلائق جمةٌ
والناس بين قطيعة وشتاتِ
حتى إذا نادى المهيمن خلقه
أفنى وتفنى ههنا أبياتي
فالحق إن نادى الخلائق جامعا
لا شعرَ يبقى أو ذرا كلماتِ
محمد عبد الحفيظ قرنه
18 عام
مصر