نظرت ليسا إلى ابنتها دموع وهي تحاول منع دموع تريد التحرر من عينيها
هاهي دموع تكمل العام الثالث من عمرها بعيدة عن الوطن ، عن الأب ، وحتى بعيدة عن صوت أمها .
فأمها منذ قتل زوجها أمام ناظريها وهي حامل في الشهر الثامن لا تستطيع الكلام .
كانت قبلها تكتب الشعر لتلقيه هنا وهناك ، وكان زوجها الحنون يشجعها.
لكنها اليوم تكتب الشعر ، لا تجد الكلمات طريقها إلى الخروج إلا من خلال القلم والورق ، فصوتها الجهوري لم يعد قادراً على الإنفلات بكلماتها الرشيقة
وهاهي في العام الثالث من وفاة زوجها لا زالت تقرأ كتبه ، وتحتضن صورته ، وتقرأ ذلك الكتاب الذي يتحدث عن الإسلام
ورغم أنها كانت نصرانية في ذلك الوقت إلا أن سمير أحبها ، وتزوجها رغم كونه ناشطاً إسلامياً.
كانت تعرف كل شيء عن زوجها إلا أنها لم تكن تعرف أن ذلك الشاب الفلسطيني يجمع المال كما تجمع هي الكلمات ثم يرسل بالمال إلى "المجاهدين " كما ترسل هي كلماتها قوية رقراقة .
كانت تراه ، تحبه ، تفتخر به وهو يساعد هذا ، في ذلك البلد الأوروبي الذي كان في أوج شيوعيته يوماً ما
في بولونيا درس علم النفس ، وفي بولونيا تزوج ليسا ، وفي بولونيا بعد سنة من زواجه قضى نحبه بيد عصابة يهودية مجرمة.
تتذكر كل هذا ولا زالت تكتب ، تتذكر بسمته الرقراقة فتكتب ، تنظر إلى ابنته فتكتب ، تنظر إلى مكتبته فتكتب ، تنظر إلى سرير جمعهما فتكتب ، إلى كرسي هزاز طالما جلساً عليه ليس لمدة طويلة لكنها مدة في نظرها خالدة
وتتذكر كيف اقتنعت بالإسلام ، فاسلمت والتزمت بالحجاب والصلاة وحجت هي وزوجها بعد خمسة شهور من زواجهما لتكون حياتهما طاعة لله.
ثم تعلمت اللغة العربية فأصبحت بها تكتب
كانت ترسم حلمها ببيت واسع ، أطفال كالبدور يملأون عليها البيت ، حديقة منسقة .
تتذكر مسجداً بناه زوجها متحدياً شيوعية كافرة
وتتطلع من قريتها الصغيرة اللطيفة هناك حيث بحيرة صادت هي وزوجها السمك منها
وتستمر في الكتابة
بلغة الدموع
ثم تقرر
سأغادر إلى فلسطين
لأحتضن أيتامهم مع ابنتي دموع