الإخوة والأخوات من أدباء الأمة ومفكريها:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يخفى على عاقل ما تمر به الأمة من حالة تأخر حضاري وتدهور أخلاقي وحالة من التيه الثقافي والتشويش الفكري والمنهجي بما أورث الأمة الأوصاب وأتلف الأعصاب وأضاع بوصلة الاتجاه الرشيد نحو مستقبل أكرم وأمثل لأجيال الأمة خصوصا وللإنسانية كلها على وجه العموم.
وإنه لمن المؤسف عزوف الكثير عن التفاعل مع قضايا الأمة ومقدراتها ، وغلبة الأثرة على ما سواها ، وكأن أمتنا ستظل رهنا لقصور الذمم عن بلوغ القيم واقتصار الهمم على ما يشبع النهم من كل مدح وذم أو سواهما مما يخدم صالح الفرد لا سواه ، ويكأن أمتنا باتت حتى بكرامها مجرد ظاهرة صوتية لا تمد يدا بخير ولا تقدم جهدا لغير.
وإنا لنعلم أن الأمة لم تعقم عن إنجاب الكرام الكبار المخلصين الأحرار ، وأنهم موجودون كشذرات الذهب الخالص في جبال التراب ومستنقعات الوحل الذي بات غالبا ، ونثق بأنهم راغبون في خدمة الأمة والنهوض بها من هذا المأزق الحضاري ومن هذا الوهن الثقافي بكل جهد متاح. ولكن هل يكون ما يرجى من مجد وما يحلم به من جد ورشد إلا بتضافر الجهود والتعاون جميعا على البر والتقوى ، والعمل المشترك المثمر الذي يؤتي أكله كل حين فنطعم خيره ونطعم غيرنا منه؟؟ أم هل بات غاية جهد الكرام قول والسلام؟؟ وهل بات أمرهم كأمر من سواهم أن لن يغرسوا غرسا بيمين إلا إن ضمنت منهم الشمال حصادا قريبا وعرضا قاصدا؟؟
ويبرز هنا عدد من الأسئلة الموجعة التي تقض مضاجع ضمير كل حر نبيل صادق من أبناء الأمة يتوجع بألم الأمة ويرغب في إبراء الذمة بكل ما يجد من هم وهمة كمثل:
أليس في الفرقة ذهاب ريح وفشل صريح؟؟ أليس في الوحدة والعمل المشترك نجاح وفلاح؟؟ ألسنا بالتوحد والعمل المسترك نكون أظهر وأقدر؟؟
متى نجد الصدق في العمل بما يوافق القول؟؟ ومتى نتخلص جميعا من ازدواجية المعايير في الأمة التي هي نحن لا غيرنا ونكون على قدر كريم من المسؤولية والمشاركة والنزاهة والمصداقية؟؟
متى يمكن أن نجد فعلا يوافق القول ، وعملا مشتركا يفيد الكل ويخدم صالح الأمة ويرتقي بها وبنا؟؟
ما هو المطلوب أكثر لنسعى جميعا بحرص وصدق وتفاهم وتقبل الاختلاف على تصحيح المشهد الثقافي العربي فكرا وأدبا وإيجاد حالة دافعة ترتقي بالأدب برؤية وروية وموضوعية وبتعاون صادق دون الاتكاء على جهد فرد أو بعض نفر؟؟
إن الأمة بحاجة لنجبائها ونخبها المختارة ممن من الله عليهم بالعلم وبالحرف وبالوعي والحكمة لينهضوا إلى مستوى التحديات ويطرحوا البديل الصادق بعد فشل كل الخيارات السابقة يوم تبوأ المركز القيادي للأمة كرسي جاهل وإعلام مضلل وأرباب التمثيل والغناء وكرة القدم فأصبحوا الواجهة الحضارية والثقافية الهزيلة للأمة. إن الأمة بحاجة إلى المثقفين الحقيقيين من أدباء ومفكرين في حمل راية التوعية وقيادة المسيرة الحضارية للأمة وإعادة دورها بين الأمم ومعالجة كل نواحي القصور الفكري والعلمي والأخلاقي وفق آليات ومنهجيات ورؤى ذات مستويات أداء راقية وذات تخطيط علمي مدروس بمراحل متفاوتة المسارات والمسافات وصولا للأهداف المنشودة نخدم بها أمتنا ونخدم بها أنفسنا ونصنع تاريخا ومجدا عاما وخاصا.
وعليه؛ فقد رأت إدارة رابطة الواحة الثقافية أن تبادر إلى إطلاق كيان ثقافي حقيقي بمسمى "الاتحاد العالمي للإبداع الفكري والأدبي" كمؤسسة ثقافية عالمية لتكون علامة فارقة في أسلوب التعاطي الأدبي في المشهد الثقافي العربي فكرا وأدبا نهوضا به ورقيا بآلياته وخلوصا من حالة التبعية والتهافت والتردي إلى حالة من الرقي والانطلاق والأصالة الجادة خدمة للأمة ونهوضا بواقعها وإنصافا للحق والخير والجمال.
وإن هذا الاتحاد سيكون حاضنة حقيقية للإبداع والمبدعين فكرا وأدبا وسيعمل على إرساء مفاهيم القيم العليا والتوجه الأخلاقي في الطرح وسيتاح لكل مهتم بالأمر وراغب في أن يكون ضمن اللجنة التأسيسة لطرح رؤيته والمساهمة الفاعلة في وضع نظامه الداخلي وتحديد أهدافه ووسائله بشكل اتفاقي توافقي يكفل تأكيد القناعات به بديلا حقيقا وصادقا لتولي زمام الحراك الثقافي على مستوى عربي الهوية عالمي التوجه.
وهذه هي دعوة كريمة لكل حر نبيل من أبناء الأمة ليكون ضمن هذا الحراك الثقافي خدمة للأمة أولا ثم خدمة لمجد الذات وتأكيد القدرات ثانيا ، ونثق أن في الأمة من يستحق أن يكون في مثل هذا الجهد الراقي الكبير.
تقديري
د. سمير العمري
رئيس رابطة الواحة الثقافية