بسم الله الرحم الرحيم
التــاء
من العوامل، إلاّ أنها لاتعمل إلاّ في اسم الله تعالى في القسَم، نحو: تالله لأخرجن، وفيها معنى التعجب، قال الله تعالى: ((وتالله لأكيدن أصنامكم))، وإنما لم تعمل إلاّ في اسم الله عزّ وجلّ، لأنها بدل من بدل. وذلك أن الأصل في باب القسم الباء، لأنها من حروف التعدية التي توصل الأفعال إلى الأسماء، وتلصقها بها، ثم يبدلون منها الواو لقرب إحداهما من الأخرى في المخرج والمعنى.
فأمّا في المخرج، فلأن الباء من الشفتين وكذلك الواو.
وأما المعنى، فلأنّ الباء للإلصاق، والواو للجمع، والإلصاق والجمع يتقاربان. ثم أبدلوا التاء من الواو، كما أبدلوها في: "تخمة وتكأة، وتراث، واتجاه"، والأصل في هذه الأشياء الواو، لأنها من :"الوخامة، ومن توكأت، ومن ورث، ومن واجهت، فقالوا: تالله، وأصل والله بالله، ولهذا نظير، وذلك أنهم يقولون: أسنى القوم: إذا دخلوا في السنة مخصبة كانت أو مجدبة، فإذا قالوا أسنت القوم، لم يكن ذلك إلاّ في المجدبة، وذلك أن التاء بدل من الياء في: أسنينا، والياء بدل من لام الفعل التي هي واو على قول من قال : سانهت، فلما كان بدلا من بدل، ألزمت شيئا واحدا إشعارا بذلك، وخصّوا بها أشهر الأسماء وهو الله عزّ وجلّ، ومثله: آل أفلاطون، والأصل: أهل، فقالوا: القراء آل الله، وقريش آل الله. وقالوا: اللهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد، ولم يقولوا: آل المدينة ولاآل البلد، وماأشبهه لما تقدّم.
وتدخل التاء في آخر الفعل الماضي علامة التأنيث، وهي ساكنة أبدا نحو: قامت هند، فإن لقيها ساكن كسرت لالتقاء الساكنين نحو: قامت المرأة.
وإنما عملت التاء في المقسم به، لأنها مختصة بالاسم، وعملت الجرّ، لأنها وصلت القسم إلى المقسم به، كمايوصل حرف الجر الأفعال إلى الأسماء، ولأنها بدل من عامل، فعملت كما كان ماهي بدل منه عاملا.
وأما التاء التي تدخل علامة لتأنيث العامل ومايقوم مقامه، فأسكنت على مايجب في حروف المعاني، ولم تعرض لها علة تخرجها عن أصلها، فأما التقاء الساكنين فعارضٌ لايعتدّ به. ألا ترى أنّ حركته لايردّ لها المحذوف نحو: رمت المرأة، ولو اعتدّ بها لرجعت ألف رمى.
يُتبَع بإذن الله
.................................
منقـــول من:"كتاب معانــي الحـروف" لمؤلفه أبي الحسـن علي بن عيسـى الرّمانـي النحـوي (296-384ه) . حققه وأخرج شواهده، وعلّق عليه، وقدّم له، وترجم للرمّاني، وأرّخ لعصره: د.عبد الفتاح اسماعيل شلبي. دار نهضة مصر للطبع والنشر/ القاهرة.