حدثني المقعد الخشبي ..!
في حديقةٍ
بعيدةٍ
جميلة،
حدثني مقعدٌ خشبيٌ ،
حين كنتٌ وحدي وأنا :
أينَ كنتَ منذ ألف سنة. .؟
قلت ُ :
أزرع حقولَ الهواء
حنطة من بيادرِ الأمل ،
وأسقيها
من جِرار الصبرِ حتى
أينعَتْ هذا البياض
كثلجِ على قمةِ الرأسِ
لكنه
قابلٌ للإشتعالْ ..!
**
حدثني المقعدُ الخشبي،
يا المسافرَ في عذابات الوقتِ ،
يا الراحلِ في المسافات ،
تمهلْ
فالوقت ُ يا صاح ، يفرُ
من بين الأنامل ِ
كالماءِ
من الماء ِ في الماءْ ..
رأيتـُكَ تقفزُ
ترمحُ
كحصان ٍ جامح ٍ
في الريحِ ِ كالريحْ ..
إلى أين يا صاح ،
تحث ُ الخُـطا ،
قال لي ،
وأراك وحيداً ،
في مسالكٍ لا تنتهي ،
قلتُ :
يا سيدي الخشبي ُ،
إستأنستُ بالذئبِ
حين صوّتَََ صاحبي *
فما اتسعتْ تلك المسافات
لوقع خـُطاي الخفيفة ،
فأتيت ُ أبحثُ
عن وردةٍ
أو عشبةٍ
أو فراشةٍ
تجيدُ لغة َاللغة ِ
أو ذهبَ الإنصات ..!
قال : إجلسْ
فجلستُ
أُنصتُ ..
للمقعد الخشبي
للعشبةِ
للفراشةِ
لي ..
**
بيني وبين المقعد الخشبي
عشرون سنة ..
وأكثر ..
ما زال على جلسته
.. وصبره،
وما زلتُ أمشي
حاملاً أخضرَه الذي
يبوح بالشجر ..
ولون الفراشات ..!
**
بيني وبين المقعد الخشبي
موعدٌ ..
فحين يعود إلى شجره ..
وحين أعود إلى طيني
نلتقي ،
عند حبة ماء ..
فتكون الحياة ..
**
بيني وبين المقعد الخشبي
شوقٌ ..
حين تحاصرني غوائل الصراخ،
أعود إليه
على حصان الذاكرة ..
وأبقى صامتاً
في حضرتهْ ..!
**
بيني وبين المقعد الخشبي ،
لغة ٌ ،
حين أراه ،
أبدأ الصمت
وأترك له
فسحة من كلام ..!
**
وحين أثقلني الحارس بالأسئلة ،
تركتُ المقعد الخشبي ،
عدتُ وقد
حملتُ رائحة الشجر
وأكثر من فصلٍ للربيع..!
**
ما زال مقعدي الخشبي على حاله ،
يمر العابرون بقربه
والعابرات
ويمر الوقتُ ،
وتشدو عند مشارفه
عصافير الصباحات الندية ،
قال ،
هنا متسعٌ ..
ومازال الصوتُ يأتي من بعيد ،
برائحة زكية رغم الصيف ،
كيف يا صاحبي
ألملم أشلاء الإعتذارات
للذين رصعوا بحروف الفضة
أطراف الحديث ..؟
كيف لي يا صاحبي الخشبي ،
أن أسند خدي
على راحة الوقت الذي
يمر كنسمة
من غير انتباه ..؟
كيف لي
أن أعيد بارقة الإبتسامات التي
كانت تشعّ هنا
قبل أن تكون عرضة للخريف.؟
قيل : وما الخريف سوى
انتباهة الروح للوقت الذي
يشهد أني وقفت
عند بداياته
رغم أنفه ..!!
**
رمقني المقعد الخشبي
تبسم،
قدم لي فسحة من المكان
في انتظار عابر
يحمل حكاية جديدة ..!!
..
.9 يوليو 2009
* مستوحى من بيت للشاعر أبي بكر محمد بن خلف المرزبان ، قال :
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى وصوت إنسانٌ فكدتُ أطيرُ ..!
**
ترجمها إلى الإنجليزية الأستاذ القدير :
محمود عباس مسعود
(الولايات المتحدة الأمريكية)