المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد حسن السمان
قراءة مقتضبة في قصيدة " جمرة الإخفاق " للشاعر الكبير محمد ذيب سليمان
رأيت القصيدة وقرأتها , منذ لحظة نشرها , ولم يكن قد حظي بقراءتها غيري بعد , ثم عدت إليها أكثر
من مرة , أتابع الزفرات الحارة , وهي تتوهج جمرات على لسان شاعر يترجم هموم الأمة , ولو أن
الأمر ينتهي عندي بمثل هذه المتابعة لكان الأمر سهلا هيّنا , لكان سهل علي أن أسجّل متابعتي على
هامش القصيدة , ولكنت ترجمت مدى إعجابي بأحاسيس الشاعر النبيلة , وأفضت عن تفاعلي مع
قراءته لجراح الأمة , ومدى قدرته على التحليل , ومدى صدق الرؤية لديه , وهي أمور تستدعي
الإعجاب فعلا , وتشجّع القارئ على الإفصاح عن تأثره بالقصيدة , ولكنني قرأت القصيدة , وأعدت
قراءتها أكير من مرة , ورحت أرددها بصوت مرتفع , مترنما بموسيقا القصيدة , على الرغم من أن
الشاعر قد نجح بيسر وسهولة , أن ينقل لي حالة الحزن والتألم , وهو يقلّب مواجع الأمة , ببراعة
الشاعر الكبير , ونبل الإنسان المنتمي , رحت أردد القصيدة مترنما بموسيقاها , كان اللحن حزينا
صادما , والدال الصامتة , خدمت هذا الفعل بشكل لافت , بل إن المفردات التي جاءت لترسم القافية ,
جاءت صادمة قوية , ولا أريد ان أدخل في نقاش , فيما إذا كانت المفردات قد جاءت وفق اختيار
وانتقاء موفقين , أو إنها جاءت عفوية نابضة , بل حتى أن معظم المفردات التي رسمت منسوج
القصيدة , جاءت قوية صادمة , وانعكس هذا على نسيج القصيدة , الذي بدا حزينا صادما , , وقد
برع الشاعر في رسم نبضات وجدانية مؤثّرة , ومما يلفت النظر أيضا , إن مجموعة الصور الشاعرية ,
التي تضمنتها القصيدة , جاءت لتخدم استراتيجية المسار , فكات صورا صارخة , تهز المشاعر , حتى
أن العنوان الذي اختاره الشاعر ببراعة للقصيدة , " جمرة الإخفاق " , جاء متوافقا مع روح القصيدة
واستراتيجيتها , في المفردة الصارخة الصادمة , والجملة الصارخة الصادمة , والصورة الصارخة
الصادمة , ولعل الشيء الأكثر أهمية , والذي ميّز القصيدة , هي تلك العفوية النابضة , التي ترجمت
مصداقية الشاعر , وعبّرت عن قدرته على تصوير الحالة وشاعريته الراقية .
قصيدة " جمرة الإخفاق " , قصيدة موفقة جدا , تستحق الثناء والدراسة .
د. محمد حسن السمان