قصة قصيرة
صمت السُلطة
كَمانين
كان فوضويا شاذا، وجبانا وقذرا يأكل بيديه الإثنين. ضُرب عليهما كثيرا.. ومازال يدخلهما دفعة واحدة في فمه الواسع، ويطبق عليهما بشفتيه الغليظتين. يمضغ الطعام بصوت ماكينة مشروخة..
يتحدث إليها بحنو بالغ، وعواطفه الجياشة تسبقه غير مبال لنفورها..فيتطاير الرذاذ وفضلات الطعام الهاربة من جحيمه إلى مرماها.. متناثرة على صفحة وجهها الجميل.
تمسحها وتئن دواخلها..تحدث نفسها:
ــ رباه ..لا أسألك..رد.. ولكن لماذا هذا الليل طويلا ؟
عندما فجر الأب غضبه، ذات غياب طويل، لها خارج الدار ذات ليلة اختفى فيها القمر، ورصدتها عين الرقيب. عندها أشتعل الصباح بسيرتها... في سوق الخضار أسرت التومة شمارات إلى سعدية بائعة الليمون بأنها ...... ونقلت سعدية للجزار حاج ابراهيم ماصارمعها، عض على لسانه المتدلي خارج فمه، ثم هوى بساطوره باستمتاع على قطعة اللحم، كأنه يمزق عدوه.. وشريط اشتهاءه للفتاة يدغدغه. والبقالي الذى كان يقرص الفتاة عندما يناولها بقاليتها، ويسيل لعابه عندما تستدير ويتبعها كفلها الرجراج تحسر. سمع الحدث صاحب طاحونة البلدة، الذى كان أيضا ميتا ومكفنا فى حبها ولم تعره نظرة.
فى زراعية العمدة كان المزارعون يغضون الطرف .. عندما يتسلل معها بن العمدة والشمس تغمز بعينها الحمراء، وتدنف للمغيب. خروجها مع ابن العمدة الماجن، كان يبعث فى الشباب الضيق والحسد. من يجرؤ على الاقتراب من ابن العمدة!؟ له ماطاب من فتيات البلدة الكواعب ناعسات الطرف. سار الخلق يتناقلون الإشاعة مفادها حملها سفاحا..فاخترقت الأب محطمة طبل أذنييه.
انزعج الأب.. واضطربت أحواله..أغلق متجره ..وترك الذهاب لمجالس الأنس..أخيرا تيقن أن ابنته ستجلب له العار فى البلدة، وأن شرف القبيلة تدنس للأبد، وستبعد القبيلة عن مصاهرته. ابنته الوحيدة لايريد قتلها كما أشارت الأسرة الممتدة. فكر ثم قدر. أسر للعمدة بما حدث لابنته من سقوط وطلب منه، تزويج ابنته بنونة من عبده عقابا لها. عبده الذى هبط على البلد من سوق الرقيق، لا أحد يعرفه ولاهو يعرف نبته شيطاني. تصبب العمدة عرقا عند سماع ذلك، وتزلزل جسده الضعيف. سأله العمدة رافعا حاجبه :
ــ أحقا تريد تزويجها لعبدي!؟
ـ نعم ..ياعمده أراه خيرا من قتلها وسيرتها على كل لسان و..
وقطع حديثه حين انفلت لسانه ، أراد أن أن يقول له أبنك أفسدها.
صمت العمدة مطرقا، تذكر تلك القبلة اليتيمة التي خطفها ذات زوال..عندما أعترضت طريقه صدفة خارجا من دواره وارتعش، والأب يخوض دقائق انتظاره حارقة. .. نادى العمدة على عبده..فجاء مهرولا، ومسح يديه القذرتين فى سرواله الممزق، الملتصق فى جسده الأسود كأنه ولد به..ودنا من أذنه، وسوس له فهز العبد رأسه خجلا علامة النفي.. انتفض العمدة ..نقر الأرض بعصاه نقرا خفيفا، ثم رسم بها على الأرض دوائر القلق، والأب فى أتون الانتظار يشتعل ـ الحَمل لاينتظرـ..إن لم يزوجها له سأقتلها..انتبه للعمدة حين تنهد وقال:
ــ لااستطع تزويجها له..
ــ لماذا ياعمدة..السترة واجبة.. والعبد مقطوع من شجرة..و
همس العمدة له بضع كلمات:
ففغر الأب فاه هذا مالم يكن فى حسبانه..
ــ ياعمدة. ما الحل .؟!
انهرت الدماء، وعلقت الذبائح من عراقيبها، وازدحمت الأقدام والضجيج فى حوش العمدة.
صاح منادي العمدة للغلمان المهجورين من آبائهم، الذين تجاوزا سن الطفولة ليقام لهم ختان جماعي مع كمانين عبد العمدة.
ليحط من قدر آبائهم.. وقد كان.. وتم.