حقائق مخبوءة عن السلطان عبد الحميد الثاني - رحمه الله - (8)( الحملاتُ الصليبيّةُ على الدولة العثمانيّة
من كتاب ( السلطان عبد الحميد الثاني – مذكراتي السياسيّة )
الحملاتُ الصليبيّةُ الموجهة ضدّ الدولة العثمانيّة لم تتوقّف قطّ . ولا يزالُ " غلادستون " العجوز يسير على خُطا البابا في هذا السبيل . وهل تستحقّ الدولة العثمانيّة هذه الحملات وقد آوتْ النصارى الهاربين من جحيم الصراع المذهبي في الغرب خلال القرون الوسطى . ألم تكن الدولةُ العثمانية هي الملجأ الوحيد لليهود الناجين من بطش محاكم التفتيش في إسبانيا ؟ ألم تبذل جمعية الهلال الأحمر العثمانية كل جهد ممكن لإيجاد المأوى والملبس لمن طرد من وطنه في سيل معتقده . ولكن من يعرف هذه الحقائق التاريخيّة أو يعترف بها ؟ فماذا يقول " غلادستون " وهو رجل إنكلترا الأول عن المسألة الشرقيّة سوى التعريض بنا بأن بلادنا تحكم بالقوّة والبطش لا بالقوانين والأعراف . ألم يثبت كذبُ ما ادّعوه من وقوع مذابح للبلغار والأرمن ؟
ألم يتبيّنْ أن أمرَ التخريب الذي زعموه في المدن بعدَ طرد سكانها هو محض افتراء ؟ وأن النصارى يعيشون مع المسلمين حياة طبيعيّة وجنباً إلى جنب ؟
سيرى المراقبُ المُحايد أن المسلمين هم أرحمُ قلباً من نصارى بلاد الشرق . ها هم الإسبان وقد نشروا الرعبَ وفجروا حمامات الدم في كافة أنحاء أسبانيا . وها هم الفرنسيون وقد ارتكبوا الفظائعَ في الجزائر ، وهاهم الإنكليز وقد قضوا على ثورة الهند ، وها هي بلجيكا في الكونغو ، وروسيا وقد أعملت السيف في رقاب السيبريين ، أفلا يرون إلا العثمانيين وقد عيلَ صبرهم من جرائم الأرمن جزاءً على الإحسان الذي لقوه من الأتراك في بلاد الأتراك ؟! أفي الأمر عجبٌ إذا قامَ المسلمون للدفاع عن أنفسهم ؟!
لا تريد الدولُ الكبرى أن تفهمَ بأنّ الأرمنَ قومٌ عُصاةٌ حملوا السيوفَ والأسلحة للهجوم علينا ولا تريد أن تعترفَ بأننا نحن أصحابُ هذه الأرض وسادتُها . بل تسعى في كلّ مرّةٍ إلى إزعاجنا
بطلب الامتيازات وبالمزعجات الأخرى ، حتى الحقوقُ التي اعترفت بها هذه الدول لإمارة " موناكو " لم تعترف بها للدولة العثمانية !
إنّ الحملات الصليبيّة على الدولة العثمانيّة لا زالت مستمرة تحت أسماء وعناوين شتّى !! ) .