لهــاث الفجــر
في ذاك الركن الناتئ
في أقصى المقهى
قرب الزاوية اليمنى
تحت السقف الموغل في الصمتْ
وعلى طاولة غنت للعشاق طويلا
كل أغاني الحب المعروفة واللا معروفة
بالقرب على الجدران انتصبت
مرأة شاخت
وعلي صفحتها ارتسمت كل الأدوار
واحتفظت في جعبتها
بأنين الأقدام المسروقة
من خدر الوجد
وهمس الليل
صياح الديك
لهاث الفجر
ودعابات الأجساد المنثورة عطرا في الأنحاء
كنا نجلس قرب المرآة معا / كضياء
وأصابعنا تلهو في اللاشيء
وعيون تكمل دورتها في كل الأرجاء
كنا نجلس
نحن الإثنينِ ِ
وتجمعنا أنفاس حبلى ببخار يملؤه الوجد
وعناق تصنعه الكفين
رنَّ الهاتف
هذا القلق الممتد اقترف رنينا
فانهارت اعمدة النشوة في عينيْ
**
أضحى الكرسيُّ الثالث مملوءا بفراغ ٍ
ينتظر الإذن لثالثة لا تعلم أني أجلس مع أخرى
في ذات الوقت
واكتظ الصدر لهاثا من عرق يتصببْ
واحترف المقعد عزف الصمت ونظْرات الريبة
يا نادلُ ...
هات القهوةَ
هات النكهة
هات النخب
لم تأت القهوة رغم الإلحاح ِ
ورغم الصخب ال يسكن فيْ
**
هذي فيروز تغني لليل ال
يبعث في البردِ الدفءَ الممزوج باوراق الفتنة
وتهدئ من ضجر بات يلوّن عيني
وحوارا ممتزجا بالحمق الأزرق
في شفتي
يا للقهوة مع فيروزِ ٍ حين تغني ...
قالتها وهي تذيب الهمس بانغام المتعة
يا نادل
يا نادل
هات القهوة
هات الجمر
ضاق الوقت وضاقت بي انفاسي
لم تأت القهوة من كنا نطلبها لتدير حوارا
بين الكرسيين وطاولة المقهى
طال الصمت وأضحى كابوسا يتململ
واحتفل البرد ببُرديْنا وأظلَّ الأنفاس صقيع
بتنا نهرب منا
بتنا نتداول في عمق الصمت حديثا
كي لا تسمعنا المرآة
كنا نخشى ان تحكي المرآة حكايتنا
وتدير حوارا مجنونا بين الكرسي الثالث والأخرى
وتحرك في جوف المرآة أنين
فأطلت في نزق تسأل عنا
كنا مع ظلين نجالسها
اثنان بخارجها
واحتفظت باثنين بداخلها
وظننت بأني قد خنت الحب مع المرآة
قد ضقت
وضاق الوقت بأحلامي
فجمعت الكهل الساكن فيْ
وتركت المقعد يهذي حين رحلتْ
كالسطر المملوء حروفا
تنزف منه الكلمات
كالطير ال يمشي دون جناح
يهزمني الوقت
قامت
لحقت بي في ثقل مولاتي
وتركنا الركن ينوح
وأشاحت عني
وانتظرت
علَّ الأقدام تضل الدربَ
وتمشي نحو المرآة ال تنتظر الإفصاح
لكنا .. ما عدنا
وتركنا ظلينا ينتظران القهوةَ
في قلق الصمتْ
وحنين يعزفه الكرسيُّ الثالث
في عمق المرأة